تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ: فتلك عاقبة أمره عليه السلام في دار القرار فتمكين في الدنيا وقربى في الآخرة فتلك العناية التي ينال أتباع الرسل، عليهم السلام، منها نصيبا بقدر اتباعهم للرسالات، فـ: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ).

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 02 - 2010, 08:22 ص]ـ

ومن سورة الأنعام:

ومن قوله تعالى: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).

فحذف المسند إليه لدلالة السياق عليه، فتقدير الكلام: هو بديع السماوات والأرض، فخلق السماوات والأرض على غير مثال سابق فذلك إبداعه في كونه، واسم البديع اسم مقيد، فلم يرد في التنزيل على حد الإطلاق، والأصل في الباب التوقيف، فهو بديع الكون بأرضه وسمائه، فتلك من دلالة الإيجاد المعجز، فإذ كان له تلك القدرة النافذة والحكمة البالغة في إيجاد الكون على هذا النحو الباهر فمن العجب أن يصفه من وصفه بوصف النقص والحاجة!، وإبداع هذا الكون على ذلك النحو من الإتقان لا يكون إلا من كامل الذات والوصف أزلا، غني عن الأسباب بل هو مجر لها فلا تسير إلا بمشيئته العامة التي لا تخرج عنها ذرة من ذرات الكون إيجادا أو تدبيرا، فله دلالة الإيجاد المعجز، وله دلالة العناية بالتدبير الذي به تحفظ الكائنات، وانتظام أمر هذا العالم في الإيجاد والإعدام، خير شاهد على ذلك، فالتوازن البيولوجي في هذا الكون بتسلط كائنات على كائنات إعداما بالافتراس والالتهام، وتوالد الكائنات بمعدلات محكمة لا زيادة فيها ولا نقصان، مئنة من كمال قدرة المحيي المميت، وحكمته بضبط هذا الاتزان على هذا النحو من الدقة والإحكام، فلو اختل في موضع فزاد توالد كائن ولو دق كحشرة الجراد، ظهر الاختلال بتلف الزرع فيكون ذلك، أيضا، من آثار حكمته، بإظهار صور قدرته على الشيء وضده، فلو كانت السنة رتيبة لشك الخلق في القوة العليا المدبرة لهذا الكون، ولظنوا الأمر سنة ميكانيكية لا رب قادر مهيمن وراءها يجريها بكلماته الكونية النافذة الصادرة عن أوصاف كماله.

والشاهد أن هذا الكون لا يكون إلا من غني كامل، فليس له أرب في خلقه، بل خلق الخلق ليصطفيهم بأجناس نعمه الكونية العامة وأعظمها نعمة الإيجاد ثم الإمداد بأسباب البقاء وتهيئة المحال لقبولها، ونعمه الشرعية الخاصة فلا تقبل آثارها النافعة إلا المحال الصالحة التي قدر الله، عز وجل، أزلا، صلاحها فذلك فضله الخاص يهبه لمن يشاء، كما وهب فضله العام لسائر الكائنات، فالخلق ما بين فضل عام وآخر خاص، وعدل بالمنع والحجب، وفضل بالعطاء بلا سابق استحقاق، فمن هدي فذلك منه، عز وجل، خلقا وتوفيقا، ومن ضل فذلك منه، عز وجل، خلقا، ومن صاحبه تقصيرا: لمادة الشر الكائنة فيه، فلا شر في فعل الرب، جل وعلا، وإنما يكون الشر في المفعول، فالشر ليس إلى الرب، جل وعلا، فعلا، ففعله كله خير محض، وإنما ينسب إليه خلقا يتوصل به إلى مصالح تربو على مفسدة وقوعه فذلك من آثار حكمته الباهرة في خلقه.

فإذا ثبت له الغنى على هذا النحو صح التعجب بالاستفهام: أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ:

فكيف يكون له ولد، أو من أين يكون له ولد، أو متى صحت نسبة الولد إليه، وليس له ند أو نظير، فالولد لا يكون إلا من صاحبة من جنس صاحبها، والله، عز وجل، قد تفرد بأوصاف الكمال، فلو شاركه غيره فيها لانتفى عنه وصف الغنى لمنازعة غيره له وصف كماله فلا بد أن يفتقر إليه ولا بد أن يقع من التعارض بين حكميهما، كما يقع بين أي زوجين!، وذلك معنى منتف في حق الرب، جل وعلا، بداهة، فالزوج يفتقر إلى زوجه لقضاء وطره واستيلاد عقبه الذي يأنس به ويتقوى به إذا كبر وضعف!، فهل يكون ربا من ذلك وصفه من الفقر والحاجة، فإذا انتفت الصاحبة لتفرده بوصف الكمال فلا نظير له، انتفى الولد من باب أولى، فانتفاء الملزوم انتفاء للازمه بداهة، وهو الذي خلق كل شيء، وخلقه للأشياء تقديرا وإيجادا يلزم منه مباينته لها في الوصف فليس في الكون إلا:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير