تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ * وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ: فذلك جار مجرى الاصطفاء الكوني لأشرف أجناس البشر: الأنبياء عليهم السلام ولا يكون ذلك إلا بعلم وحكمة فـ: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ). وتلك من دلالة العناية بهم باصطفائهم وما يقتضيه ذلك من عصمتهم وحفظهم.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 02 - 2010, 08:36 ص]ـ

ومن قوله تعالى: هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ:

فذلك هو الشطر الأول من القسمة العقلية في دار الجزاء، فلهم المآب الحسن الذي أجمل تشويقا ثم بين بقوله: "جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ": في معرض الامتنان على المؤمنين فهو من دلالة العناية بالموحدين الذين حققوا مقامي: العلم يقينا، والعمل صبرا، فصبروا على ابتلاء الرب، جل وعلا، وطالعوا فيه آيات قدرته جلالا، وحكمته جمالا، فما أمرض إلا ليشفي، وما أمات إلا ليحيي، وما فرق إلا ليجمع الأحبة في دار المقامة على حد: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ)، وإنما يغفل من يغفل عن ذلك في ساعات الذهول حال وقوع المصيبة، ولو طالع آيات الرب، جل وعلا، في هذا البلاء الذي يستخرج به تبارك وتعالى، من أجناس الخير ما بستخرج فالمصيبة للمؤمن كير ينفي خبثه، وعبرة وعظة للعاصي عله يرجع، فالرب، عز وجل، رحيم: لا يجمع على المؤمن إذا ابتلاه في هذا الدار فصبر واحتسب، لا يجمع عليه خوفان، فإن قضى له الابتلاء تطهيرا في الأولى، فهو من أهل كرامته في الآخرة قد قدم على ربه طاهرا مطهرا، فتهيأ لجوار الذات القدسية فلا يجاورها إلا قدسي طاهر، فجواره، عز وجل، عزيز، لا يناله إلا آحاد الصابرين فيوفيهم ربهم أجرهم بغير حساب، والرب، عز وجل، جليل: يبتلي بقدرته فلا راد لقضائه، فذلك مقام جلال قد قهر به العباد بأصناف البلاء، فظهر به من عزته فلا يناله ما ينال عباده من أعراض النقص والفساد، فبه ظهر القدر الفارق بين مقام الربوبية ومقام العبودية، فمقام الربوبية: مقام عزة وكمال، فاجتمع للرب، جل وعلا، من أنواع العزة: عزة القهر فلا يغلب بل هو الغالب لكل ما سواه من الكائنات بكلماته الكونيات النافذات، فلا راد لقضاءه، إن شاء عافى فضلا، وإن شاء ابتلى عدلا، وعزة القدر فلا ينال بنقص بل هو الذي يجري أصناف البلاء على العباد ليظهر كماله من نقصهم، وقدرته من عجزهم عن رد ابتلائه الكوني، والرب، عز وجل، رحيم: يرحم بوصف جماله كمن يبتلي بوصف جلاله، فيستخرج الرحمات من آلام الابتلاءات، ويدخر لعبده إن صبر من أصناف الرحمات في دار المقامة ما لا يخطر على قلب بشر. فهنيئا لأصحاب البلاء إذا صبروا، وهنيئا لأصحاب العافية إن شكروا فالعبد بينهما يدور وفيهما يتقلب فإن صبر وشكر ولا يكون ذلك إلا بعناية الرب، جل وعلا، أن يلهمه واجب وقته من الصبر أو الشكر، على وزان مقالة ذلك المسدد الذي شهد له الحسن، رحمه الله، بالفقه، فهو بين نعمة لو استغرق عمره حمدا لها ما وفى، ولكن الرب، جل وعلا، شكور، قد علم ما بنا من النقص والبطالة فامتن علينا بقول وعمل القليل على ما فيه من دخل فزكاه وثمره، وذنب يحدث له استغفارا، عل الغفور يغفر فيرحم المذنبين ويجبر المقصرين.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 02 - 2010, 09:19 ص]ـ

فأولئك قد امتن الله، عز وجل، في الأولى بالسداد إلى الطريق الموصل إلى المنة العظمى منه:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير