تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الذي اختص به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، واختصت به أمته من بعده، فـ: "نصرت بالرعب مسيرة شهر" لو قيل بعموم المنة، فتكون له مطلقا، ولمن بعده إن ساروا على طريقته، فالمنة في حقهم مقيدة لتعلقها بوصف شريف هو اتباع الشرع الحنيف، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما أوتي ذلك إلا لكونه أطوع الخلق لربه، عز وجل، فذلك من البداهة بمكان، فلا يكفي مجرد الانتساب إليه لحصول الكرامة بإلقاء الرعب في قلوب الأعداء، بل قد انقلبت الآية في زماننا، فملئت قلوب المسلمين رعبا من أعدائهم مسيرة آلاف الأميال من واشنطن إلى مواضع أقدامنا!، فدل ذلك على تقييد المنة بالوصف فمتى تحقق الوصف تحقق الحكم، ومتى تخلف الأول تخلف الثاني لزوما، وثبت ضده فهو جار على سنة: "إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ"، وقد أظهر الرب، جل وعلا، في طائفة من عابديه برسم الانقياد لشرعه تصديقا وامتثالا، أظهر تلك الآية، فألقى الرعب في قلوب أعداء له في قصص معروف مشهور: من البلقان تارة، فكان الصرب يفرون من سماع التكبير الذي يزلزل قلوب أعداء الرب الجبار الكبير، جل وعلا، وفي العراق وقد بثت مواد فيلمية لجنود العم سام وهم يبكون ويصطرخون حال وقوعهم في أحد أكمنة المقاومة وما أصيبوا به من أمراض نفسية مزمنة ارتفعت بها معدلات الانتحار في الجيش الأمريكي إلى معدلات قياسية، وفي حرب غزة الأخيرة ويهود مادة الجبن فهم: (أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ)، فأقعدهم الرعب في آلياتهم حتى عن قضاء حوائجهم خارجها!، وأخيرا في هلمند وقد كبدت المقاومة قوات التحالف في افتتاح حملتها خسائر تمت التغطية عليها بلغت بحسب الناطق باسم المقاومة وهم أهل للتصديق لكمال العدالة والضبط فسيطرتهم على الأرض في أغلب بلاد الأفغان أمر لا ينكره حتى عدوهم القابع في كابول وأجوارها، بلغت تلك الخسائر في بداية الحملة فقط نحو 32 جنديًا وتدمير 12 دبابة في اليوم الأول، و: 28 دبابة وعشرات القتلى في اليوم الثاني، كما نقلت مفكرة الإسلام، ودعت الحركة، وهو محل الشاهد، وسائل الإعلام إن كانت حريصة على نقل صورة حقيقية لما يجري على الأرض إلى تسجيل أصوات بكاء الجنود الأمريكيين المحاصرين في جيوب وأكمنة استدرجوا لها، وذلك من جنس الرعب آنف الذكر، وقبلهم كان الجنود السوفييت يبكون في خنادقهم أيام الحرب التي اندلعت في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وكان ذلك سببا في إسلام عقيد في الجيش السوفييتي بعد أن لفت انتباهه ذلك الرعب الذي يسيطر على جنوده حال اشتباكهم مع المسلمين، فتلك الصور مئنة من اطراد تلك السنة الكونية، فمتى كان قتال شرعي، وإن لم يخل أي عمل بشري من أخطاء وتجاوزات فليس لكل أولئك عصمة تحجزهم عن الخطأ في مواضع وإنما النظر باعتبار الجملة فمن غلب صوابه خطأه حمد له الصواب واعتذر له عما أخطأ فيه ولا يمنع ذلك من بيان خطأه حال الحاجة إلى بيانه بقيد الإنصاف فهو من الضرورة التي تقدر بقدرها لئلا يقع الإنسان في دائرة الوقوع في أعراض العباد بلا مسوغ شرعي، فمتى كان قتال شرعي، كان تأييد رباني، ومتى كان قعود عن نصرة الملة بذب الصائل على الأديان بسيف الحجة الهادي، وذب الصائل على الأبدان بسيف الحديد الناصر، متى كان ذلك القعود عم الذل فلم يسلم منه فرد أو جماعة فلكل منه نصيب بقدر قعوده عن نصرة هذا الدين، معدن العزة لأتباعه فمتى ابتغوها في غيره أذلهم الله لأخس عباده. والسنن الكونية مطردة لا تجامل أحدا لمجرد انتسابه إلى ملة أو نحلة، فالعبرة بالأفعال لا بالأقوال، فمتى كذب الفعل القول، صار القول محض دعوى لا بينة عليها، ودعوى كهذه مردودة على صاحبها أيا كان وصفه أو اسمه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير