تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإمعانا في بيان تلك المنة، جاء تصوير ذلك الرعب الذي يصيب من يراهم، بالاستعارة التمثيلية، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، إذ استعار صورة الظرف المملوء بالمائع لصورة القلب المملوء بالرعب فانتزع تلك الصورة المركبة من إناء مليء بالمائع لصورة قلب مليء بالرعب، وذلك من البيان لعظم ذلك الرعب بمكان، فليس رعبا معتادا يمكن لصاحبه التغلب عليه بل هو رعب يلجئ صاحبه إلى الفرار.

والخطاب في قوله: (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ) لغير معين، فهو من قبيل قوله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا)، فهو رعب يسيطر على قلب أي راء لهم، وذلك العموم مئنة من حفظ الله، عز وجل، لهم من كل من أراد بهم سوءا.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 02 - 2010, 09:02 ص]ـ

ومن سورة الزمر:

ومن قوله تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ)

فتلك من آياته الآفاقية فقدر وأوجد السماوات والأرض بالحق، فتلك حال مقيدة لعاملها فهي قيد مثبت يكتمل به قيد النفي في نحو قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ)، و: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)، فجاء الوصف نفيا مرادا لغيره، وإثباتا مرادا لذاته، ثم حاءت آية التكوير على حد المضارعة استحضارا للصورة، مع استيفاء وجهي القسمة الثنائية، وسخر الشمس والقمر فبتواليهما وجريانهما وفق السنن الكوني المحكم يتعاقب الجديدان، ثم جاء التذييل بوصفي العزة مئنة من جلاله، والمغفرة مئنة من جماله، فبجلاله خلق السماوات والأرض، وبجماله أجراها على سنن محكم يحصل به كمال الانتفاع لعباده، فهو يتودد إليهم بالنعم الشرعية أشرف أجناس النعم، فالرسالات قد تواترت، والكتب قد نزلت، والدين قد أكمل برسالة النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم التي لم يطرق العالم ناموس علمي حكمي كناموسها فقد جمعت معاقد الكمال علوما وأعمالا، خلائق وسياسات، ويتحبب إليهم بنعمه الكونية تأليفا للقلوب، فأصح الأبدان وخلق الأزواج، وأنبت الثمر من الأرض وأنزل الماء من السماء ....... إلخ فله في كل سكنة نعمة ربانية تفضلا وامتنانا، وله في كل سكنة تكليف شرعي وواجب تعبدي، فهو المستحق للشكر على ما امتن به فضلا، وهو المستحق للحمد على ما ابتلى به عدلا.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 02 - 2010, 11:01 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ)

فإن ذلك مما استدل به أهل العلم على وجود الباري، عز وجل، إذ هو مندرج في دلالة الحس على وجوده، تبارك وتعالى، فإجابة دعوة المضطر مئنة من وجود قوة عليا قاهرة، حكيمة عالمة، إليها تدبير هذا الكون على هذا النحو المحكم، فيجيب المضطر إذا دعاه، وإن كان كافرا، ويجيب دعوة المظلوم، وإن كان كافرا، فتوجه القلوب إلى الرب، تبارك وتعالى، حال الشدة دليل فطري قهري يجده كل داع في نفسه، وإن كابر في أزمنة العافية، وهو من كمال عنايته بعباده وتدبيره لشأنهم بكلماته الكونيات النافذة، فينزل البلاء بمن شاء عدلا، وينزل العافية على من شاء فضلا، ويبتلي ليصطفي، ويعافي ليشكر، فله في كل حركة وسكنة في كونه حكمة، لا يعزب عنه مثقال ذرة، ولا يشغله تدبير شأن عن شأن، ولا إجابة مضطر عن إجابة غيره، ولا رزق كائن عن رزق غيره، قد وسع كل شيء علما ورحمة، لا يقاس على خلقه فيقال: كيف يرزق العباد جميعا، وكيف يسمع الداعين في آن واحد، وذلك محال في حق البشر بل لو خاطب اثنان واحدا في آن واحد بلغة واحدة لاختلط عليه كلامهما لقصور عقله عن الجمع بينهما، فكيف بالرب، جل وعلا، الذين يسمع

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير