تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فهمت الكنيسة من هذا القول أن المسيح يعني أن السلطة الدينية المهيمنة باسمه سترتكز في الموضع الذي يموت فيه كبير الحواريين بطرس ومن هذا المركز تمد أجنحة نفوذها على العالم أجمع وتحكمه باسم المسيح، وبما أن المسيح بطرس – كما تقول الكنيسة – مات في رومة فإن رومة هي قاعدة المسيح لحكم العالم، وفيها مقر الكنيسة التي يرأسها ممثل المسيح ورسوله "البابا" المعصوم عن الخطأ، وكل ما تقرره الكنيسة هذه هو عين الصواب، إذ إن المسيح بواسطة الروح القدس هو الذي يملي عليها تصرفاتها، وما دام أنها تعمل باسم الله وتحل وتبرم حسب مشيئته – بل هو يحل ويبرم حسب مشيئتها تعالى الله على ذلك علواً كبيراً فطاعتها واجبة وقراراتها إلزامية لكل المؤمنين بالمسيح وليس على الأتباع إلا الطاعة العمياء والانقياد الذي لا يعرف جدلاً أو نقاشاً، والذنب الذي لا يغتفر هو أن تصادم أوامر الله، التي هي أوامر الكنيسة، بواسطة العقل البشرى أيا كان صاحبه، والخارج على سلطة الكنيسة أو الناقد لقرارات مجامعها كافر "مهرطق" تحل عليه اللعنة والحرمان من دخول الملكوت مهما بلغت وجاهة رأيه بل مهما كانت سوابقه وخدماته للمسيحية وللكنيسة نفسها.

أما إذا كان المتمرد على الكنيسة وسلطتها حاكماً أو شعباً، فإن الجيوش المقدسة ستسحقه بأقدامها، إرضاء للمسيح ". اهـ

ويقول في موضع تال:

"تفتقر المسيحية المحرفة في كثير من تعاليمها إلى الإقناع العقلي والبرهان المنطقي لإثباتها نظراً لتنافيها مع الفطرة وبدائه التفكير لذلك اضطرت الكنيسة إلى تعويض نقص بضاعتها من الأدلة بادعاء الخوارق والمعجزات قاصدة التمويه على العقول الضعيفة واستغفال النفوس الساذجة، وكانت خوارق الكنيسة وشعوذتها تتراوح بين الرؤى المنامية ذات التهويل البالغ وبين التهكن المتكلف بالمغيبات وحوادث المستقبل، وبين تحمل الأساليب واستجداء شتى الوسائل لشفاء الأمراض المستعصية يتبع ذلك أمور أخرى كتعليق التمائم والرقى والتمتمات ..... واستعمال إشارة الصليب وتعليق صور القديسين، ومحاربة الشياطين وطرد الأرواح الشريرة وصد الكوارث والأوبئة واستنزال النصر في الحروب وغير ذلك.

وكان من السهل على العقلية الأوربية الهمجية أن تتقبل هذه السخافات وتصدق الكنيسة في كل شيء بفضل الإرث الوثني الذي ظل متغلغلاً في أعماقها.

وفي القرون الأولى للمسيحية كان معظم المعجزات يدور حول شخصية المسيح وأمه ومنها للرسل والتلاميذ، لكن الكنيسة لم تقتصر على المعجزات الربانية الحقة بل نسج خيالها خوارق أخرى هي أخلاط وأوهام يغلب عليها عنصر التهويل وتتسم بطابع الأساطير الوثنية القديمة التي تخيلها شعراء اليونان وغيرهم". اهـ بتصرف

فقد صيروا أنفسهم آله تعبد، وصيروا قديسيهم رسلا يوحى إليها، وصيروا الخوارق، ولو شيطانية: معجزات تدل على صحة مقالتهم، ولو نقضت مقالة من ينتسبون إليه زورا فما جاء إلا بدين إخوانه من الأنبياء عليهم السلام فهو على التوحيد والإسلام العام، وهو مع ذلك مبشر بصاحب الرسالة الخاتمة صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي نسخ بشريعته كل شريعة ماضية فجاء بالإسلام الخاص الذي لا يقبل الله، عز وجل، سواه، فقد سدت الأبواب بمبعثه صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا باب الشريعة الخاتمة فلا نجاة بالخروج عنها بتكذيبها صراحا، أو الابتداع فيها بزيادة أو نقصان، فهي المحكم الذي يرد إليه متشابه القول والفعل، فلا يحكم عليها بغيرها، وإنما هي الحكم على غيرها لمكان العصمة، فالرسالة معصومة، وأهواء وأذواق البشر غير معصومة، فقياس العقل الصريح رد الثاني إلى الأول: رد المتشابه إلى محكمه، فتقضي النبوة القطعية على ما سواها من الأدلة العقلية والذوقية فغايتها أن تكون ظنية إن لم تكن وهمية!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير