تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فذلك من ابتلاء الله، عز وجل، لها، عليها السلام، لتعلو منزلتها، بالمعجزة الإلهية بإنطاق الوليد تبرئة لها وله مما سيفتريه الغلاة في شأنه، فكانت محنة للبتول عليها السلام بما رماها به قومها، تولدت منها المنحة الربانية فهي من أدلة العناية الخاصة بمريم عليها السلام: فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا: فذلك منهم على وجه التعجب، فجاء الرد قاطعا: قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا: فتلك من أدلة العناية بالمسيح عليه السلام، فآتاه الإنجيل فـ: "أل" فيه عهدية، تشير إلى كتاب بعينه هو الإنجيل المتمم للتوراة، فنسخ جملة من أحكامها برسم التخفيف، وجاء بجملة أخرى من المواعظ برسم الترقيق، فبعث المسيح، عليه السلام، كما بعث سائر الرسل الكرام، عليهم السلام، بالكلمات الشرعية الحاكمة، فبها تحكم الأمم، برسم النبوات، فالخالق أول أزلي، والمخلوق تال عدمي، والنبوة هي الواسطة بينهما، فيرسل، جل وعلا، من شاء من رسله، عليهم السلام، إلى أمم الأرض بالنبوات التي تهدي المكلفين إلى طريق الحق المبين، فهي تأمر بإفراده بالعبادة فرعا عن انفراده بالخلق والتدبير.

وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا: وذلك مئنة من عبوديته إذ كلف كما كلف بقية العباد بأحكام الشريعة.

وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا: فتلك من جنس العناية بيحيى عليه السلام.

ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ: فذلك عيسى ابن مريم الذي خص بالذكر بالنصب اختصاصا مئنة من علو شأنه، فما كان لله، على جهة النفي جحودا مئنة من المبالغة في إنكار هذا القول الشنيع، فتنزه عن الصاحبة والولد وعن لوازم ذلك من الحاجة والنقص، بل كل ما سواه مربوب مخلوق بكلماته الكونية النافذة فـ:

إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ: فذلك من التوكيد على عبوديته بإثبات الربوبية لخالقه على هذا النحو المعجز، فأثبت له الربوبية الخاصة والعامة وفرع عنها لازمها من إفراده بالألوهية فذلك الصراط المستقيم الذي اطرد التنبيه عليه في محكم التنزيل.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 03 - 2010, 08:15 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير