تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كان صلاح ببركة اتصال خبرها، ومتى لم تكن كان فساد بشؤم انقطاع خبرها، والملائكة في السماء تسبح الرب، جل وعلا، بنفي النقص، وتحمده بإثبات الكمال، فهو المراد لذاته، فتنفي عنه كل نقص، وتثبت له كل كمال مطلق، على حد: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، فالشطر الأول: تنزيه بالنفي، والشطر الثاني: ثناء بالإثبات، ويستغفرون لصالحي المؤمنين فذلك من كمال عناية الرب، جل وعلا، بعبيده المخلصين، أن قيض لهم ذلك الخلق العظيم المنزه عن المعاصي والشهوات الحيوانية، فهو من اللطافة والقدسية بمكان، أن فيضه لهم ليستغفر لذنوبهم، فذلك مما يقوي رباط الود بين المكلفين والملائكة المسبحين خصوصا، وسائر الجند العلوي عموما، فهي بأمر ربها تعمل، وللعبد من كل سوء تحفظ على وزان: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ)، فالكون نسيج واحد على رسم الخضوع والانقياد للرب، جل وعلا، فمن شذ من المكلفين فخالف شرعه المنزل فقد باين خلايا ذلك النسيج المحكم فصار بؤرة فساد تستحق الاستئصال صيانة للكل بنفي الجزء، وهو ما وقع للمكذبين من أعداء الرسل عليهم السلام إذ نفى الرب، جل وعلا، خبثهم من الأرض بعذاب بئيس ظهر به أثر صفات جلال الرب، جل وعلا، الذي قهر خلقه بقدره الكوني، كما ألزمهم على ألسنة رسله: امتثال قدره الشرعي، فالمسدد من اجتمع فيه القدران، فصار على حد التلاؤم التام مع القدر النافذ والشرع الحاكم.

ثم جاء التذييل مؤكدا لتلك المنة الربانية باستغفار الكائنات العلوية على حد الفصل للتلازم الوثيق بين المؤكَّد والمؤكِِّّد، وتوارد على السياق جملة من المؤكدات في معرض الترغيب في التوبة والاستغفار لينال المكلف آثار أوصاف جمال الرب، جل وعلا، من المغفرة سترا للذنب، والرحمة فضلا من الرب، فالمغفرة تخلي المحل من شؤم الذنب والرحمة تحليه برحمات الرب الخاصة بعباده المؤمنين فهي متعلق اسمه الرحيم، فجاء الاستفتاح تنبيها بـ: "ألا"، والمؤكد الناسخ، واسمية الجملة وضمير الفصل على حد القصر والاختصاص وتعريف جزأي الجملة، وقد يقال بأنه جارٍ، أيضا، على حد قصر القلب لاعتقاد من ظن غير الله، عز وجل، يقدر على المغفرة على حد ما تواتر عند أصحاب كراسي الاعتراف، وساكني مراقد الآئمة والمشايخ من غلاة أهل القبلة في هذا الباب ممن اعتقدوا للأنبياء أو الأئمة أو الأولياء جاها يشفعون به عند الله، عز وجل، ولو بلا إذنه فتلك من صور الشفاعة المنفية، فالرب، جل وعلا، غني عن عباده فلا يقبل شفاعتهم اضطرارا على حد ما يقع من ملوك الدنيا الذين يقبلون من الشفاعات ما لا يرضونه صيانة لعروشهم واستئلافا لأعوانهم الذين يقيمون لهم أمر ممالكهم ولو برسم الجور والطغيان كما هو كائن في كثير من الممالك المعاصرة.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 05 - 2010, 09:35 ص]ـ

ومن قوله تعالى:

فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ: ثم جاء التذييل بأوصاف الربوبية إيجادا للسماوات والأرض، وعناية بخلق الذرية والأنعام، ولا يقدر على ذلك إلا رب قدير حكيم ليس كمثله شيء نفيا مجملا، وهو السميع البصير إثباتا مفصلا لأوصاف القدرة والإحاطة، فله وصف الثناء المطلق بكل جمال أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الوجه اللائق بجلاله، وله وصف التنزيه المطلق عن كل نقص، فصفات الكمال المطلق ثابته له إذا ورد النص بها، وما لم يرد إن كان كمالا مطلقا: فيتوقف فيه نفيا أو إثباتا فلا يحصي ثناء على الرب، جل وعلا، إلا هو، فلم يحط أحد من خلقه به علما، وإن كان أعلم خلقه به من الأنبياء عليهم السلام، وخاتمهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي يفتح الرب، جل وعلا، عليه بمحامد لا يعلمها إلا إذا سجد بين يدي الرب، جل وعلا، وما نفى عن نفسه من أوصاف النقص فهي عنه منفية وهو عنها منزه سالم فذلك معنى اسميه: القدوس والسلام، وما كان من وَصْفٍ وَصَفَ به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير