تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فقرا أو غنى ....... إلخ.

ومن قوله تعالى:

وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ: فجاء الإخبار عن الضمير بالموصول على حد القصر والاختصاص بتعريف الجزأين فهو لا أحد سواه الذي ينزل ماء الغيث فذلك من أوصاف جماله، كما ينزل مطر السوء فذلك من أوصاف جلاله، فذلك على ما اطرد من قصر القلب لاعتقاد المخاطب استقلال غير الله، عز وجل، بالتأثير في الأحداث الكونية من إحياء أو إماته أو إغاثة بمطر .... إلخ كما قرر ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فالعباد بين الجمال فضلا والجلال عدلا، ونزوله بعد القنوط آكد في تقرير المنة في معرض العناية بالخلق، فينشر رحماته المخلوقة، فهي أثر صفة جماله: صفة الرحمة، وهي غير مخلوقة بداهة إذ هي وصف الخالق، عز وجل، فآحادها من هذا الوجه: متجددة لتعلقها بمشيئته العامة، فيحدث من رحماته المخلوقة بكلماته الكونيات ما شاء فماء طهور يغاث به العباد، وإجابة للمضطر بكشف السوء ....... إلخ من صور العناية بخلقه فكلها من رحماته التي نشرها في كونه.

ومن قوله تعالى:

وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ:

فذلك من دلالة الإيجاد ولا تخل من دلالة عناية إذ الدواب مما سخر للعباد فـ: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ)، وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ: فليس له مفهوم ليقال بأنه لا يقدر على ما لم يشا، بل هو على كل شيء قدير فذلك منطوق يقدم على هذا المفهوم لو صح اعتباره، فالقدرة تتعلق بكل الأشياء، والشيء لا يكون إلا ممكنا، وبذلك أجيب عن شبهة: هل الله، عز وجل، قادر على المحال الذاتي كاتصافه، جل وعلا، بالنقص فذلك من المحال الذاتي بداهة فليس شيئا لتتعلق به القدرة، وإنما يفرضه الذهن فرضا في معرض التنزل مع الخصم، فالعلم يتعلق بالممتنعات فرضا، بخلاف القدرة فإنها لا تتعلق إلا بالممكنات.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 05 - 2010, 09:29 ص]ـ

ومن قوله تعالى:

(اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ):

فجاء الإخبار عن الله، عز وجل، بالموصول، والمراد المعنى الذي اشتقت منه الصلة وهو إنزال الكتاب والميزان فهي مئنة من عدله، عز وجل، والعدل معنى يستلزم الغنى، إذ الظلم إنما يكون فرعا افتقار الظالم إلى ما بيد المظلوم من العرض، وربما كان افتقاره إلى شهوة رياسة أو جاه، كحال رءوس الضلال من أرباب الملل والنحل الباطلة فإنهم يستأثرون بدنيا الأتباع برسم الديانة، فسيفهم سيف يقهر كل نفس إذ قد جبلت على التأله مع عظم جهلها إن لم تستضئ بنور الرسالات، ويوبقون مع ذلك أخراهم، وذلك بخلاف طريقة الأنبياء عليهم السلام الذين يبذلون الدنيا لطالبها تأليفا لقلبه واستئصالا لمادة الغل من قلبه، فليس فيهم شح أرباب الرياسات الذين يستأثرون بالوجاهات والشهوات، فما أتي من أتي إلا من قبل نفسه الطالبة لحظوظها سواء أكانت حظوظا بدنية محسوسة أم حظوظا نفسية معقولة، وكل من نصب نفسه طاغوتا برسم الدين أو الدنيا لا يرضى إلا بكمال التسليم والانقياد من الأتباع فلسان حاله: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي)، فهو الحاكم المهيمن بقياس عقله أو وجدان ذوقه على أتباعه، فإن خرج أحدهم عليه ولو برسم التجديد أو الإصلاح لا المناقضة الصريحة لملته أو طريقته فإنه يلقى من البطش ما يلقى إذ قد نازع طاغوتا رياسته، ولا أشد على الطاغوت من ذلك، ولا أشرس منه في الدفاع عن كيانه الذي أقامه على خلاف منهاج النبوات، فهي كما تقدم مرارا أعظم منة ربانية فهي مئنة من كمال عنايته واصطفائه جل وعلا للنوع الإنساني، فإن لسان مقال الأنبياء عليهم السلام: (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير