تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم جاء التذييل بالنكير: أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ، على من مارى وجادل في أمر الساعة وهي من الظهور بمكان إذ قد أقام الرب، جل وعلا، عليها من الأدلة النقلية والعقلية والحسية ما أزال كل شبهة ودحض كل حجة، فأقيم الدليل من نفس المستدل الذي يموت ويبعث في كل يوم وليلة، فالموتة الصغرى دليل حسي على الموتة الكبرى، والبعثة الصغرى دليل حسي على البعثة الكبرى.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 05 - 2010, 08:01 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ)

فذلك من تقديم ما حقه التأخير على ما تقرر من دلالة ذلك على الحصر والتوكيد في المواضع التي يحسن فيها التوكيد ومن آكدها مقام إثبات الربوبية بدلالة الإيجاد المعجز أو العناية بالنعم الربانية السابغة، فتلك مظنة التفرد إذ هي من خصائص منصب الربوبية وهو منصب لا يقبل الشراكة لئلا يفسد أمر الكون بتعدد أربابه، فإن لكل رب شرائع وأحكاما يخضع بها عباده تألها وديانة، وإن ادعى خلاف ذلك بلسان مقاله، فإن لسان الحال قاض بأن من سن شرعا ينازع به الملك، عز وجل، منصب التشريع، وهو من أخص وظائف الربوبية، فهو طاغوت يدعو الناس إلى الطغيان ومجاوزة الحد فيه متبوعا على جهة التسليم والانقياد ولو خالف حكمه حكم الرب الشارع ذي الجلال والجمال، فالشرائع لا تخلو من جلال تظهر به آثار أوصاف الرب القاهر الجبار، تبارك وتعالى، فـ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى)، فكتابته على حد التشريع من الجلال الذي تحفظ به الأبدان بحسم مادة التعدي على النفوس قتلا أو جرحا، ولا تخلو مع ذلك من وصف جمال: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ)، فمن عفى عن حقه الخاص، فله ذلك صيانة لدم القاتل، وإن استحق السفك، فإن رأى الإمام المصلحة الشرعية المعتبرة في تعزيره ولو بالقتل لكونه سفيها لا يقيم لدماء الناس وزنا، فله ذلك، فيعدل عن وصف الجمال إلى وصف الجلال، إذ الموضع لا يحتمل لينا قد يفسد، بل الشدة هي التي تحسم هذه الأدواء فينزجر من تسول له نفسه التعدي على الحرمات بسيف الشريعة الزاجر، فمقام الربوبية مقام موصل إلى المراد بذاته: مقام إفراده، عز وجل، بالألوهية تعبدا وتشريعا، فمن آياته: الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ على تقدير مضاف: فالجوار وصف أقيم مقام موصوفه على ما اطرد في لسان العرب من حذف الموصوف وإقامة الوصف مقامه، فيكون في السياق إيجاز بالحذف، وهو: مجاز عند من يجوز المجاز في لسان العرب عموما أو في الكتاب العزيز خصوصا، ومنكره يجري على قاعدته بأن السياق قد دل على المراد ابتداء فلا حاجة إلى تكلف القول بالمجاز، فضلا عن كونه أمرا قد تكلمت به العرب واطرد في لسانها وهو الفيصل عند وقوع النزاع، فجريانه على لسانها قد صيره حقيقة، وإن لم يكن حقيقة بأصل الوضع، على القول بأن اللغة وضعية، أو بالدلالة المعجمية للكلمة، فإن الجريان لم يوضع للدلالة على السفن وإنما وضع للدلالة على عرض يعرض لها ولغيرها، فالشمس تجري والقمر يجري والماء يجري والريح تجري والراكض يجري، ولكل جريانه الذي لا يشتبه على أحد لدلالة القيد الرافعة لإجمال الاشتراك المعنوي في أصل المعنى، فمادة الجريان المطلقة تدل على نوع بعينه من الحركة، يوجد في الذهن مطلقا فإذا قيد بموصوف خارجه زال الاشتراك بتعين المراد، إذ القيد رافع لاحتمال ما سواه، فجريان الفلك رافع لاحتمال جريان غيرها إذ التقييد بها جار مجرى الفصل في حدود المناطقة فيخرج ما سوى المحدود، وهذا أصل في كل المعاني المطلقة والمقيدة، فإن كل معنى في الخارج إنما هو معنى كلي مطلق في الذهن يرد عليه القيد الخارجي فيرفع إجماله،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير