تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 06 - 2010, 12:33 م]ـ

ومن قوله تعالى: (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ):

فذلك من الجعل الشرعي بحمل القيام، على القيام المعنوي بالملة الحنيفية التي قومت بها النفوس بنفي خبث الشرك بكير التوحيد الذي يمحض مادة الخير في النفوس،، وقد جاء الإخبار به مبالغة على وزان قولك: محمد عدل، فهو مؤول بعادل، أو بذي عدل، أو، وهو أحسنها، بالمبالغة حتى صح الإخبار عن ذاته بالمصدر لا بمشتق منه فصارت حقيقته هي حقيقة العدل، وإن كانت الأولى ذاتية والثانية معنوية، فذلك المبالغة في هذاالقول، وهو من الجعل الكوني بحمل القيام على القيام المادي بما يتحقق للعباد من منافع دنيوية عاجلة بكسب أو تجارة ..... إلخ، وجاء عطف: "البيت الحرام" على الكعبة من قبيل عطف البيان الذي زاد الكعبة تشريفا، بملاحظة معنى التحريم الشرعي للكعبة، وذلك، كما يقول صاحب "التحرير والتنوير"، يكون بالنظر إلى لفظ الحرام وما يدل عليه من معنى المنع والصيانة، فالحرام: ممنوع مصون من التناول والابتذال، وأما بالنظر إلى "البيت الحرام" بعد صيرورته علما بالغلبة على المسجد، فذلك يكون بيانا للكعبة وهي جزء من المسجد، بالمسجد بأكمله، فيكون ذلك من قبيل العموم بعد الخصوص، فيزيده بيانا، فهو إطناب بذكر اسم آخر من أسماء الكعبة، ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لِحَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ"، فـ: "أل" في الكعبة عهدية تشير إلى معهود بعينه هو ذلك البناء المكعب في مكة، فقد اختصه الرب، جل وعلا، بجملة من الخصائص التي لا تعلم إلا بتوقيف من الشارع، عز وجل، فهو الذي أمر بالطواف به ونهى عن الطواف بالقبور والمشاهد .... إلخ، مع أن أبنية كثير منها مكعبة، أيضا، فعلم أن العبرة بتوقيف الشارع، عز وجل، لا بمضاهاة المشروع بغير المشروع بإقامة أبنية تضارعه في الوصف وقياسها عليه قياسا فاسدا، فالقياس لا يجري في الأخبار والشعائر، فالخبر قد اختص تلك البناية بجملة من الفضائل لم يختص غيرها بها، فذلك فضل الله، عز وجل، يضعه حيث شاء بعلمه المحيط وحكمته البالغة، وهذا فرقان بين الدين المحفوظ والدين المبدل، فمن عجب أن يتطاول النصارى وهم أئمة الغلو والابتداع في الديانة لا سيما في أمور الصور والتماثيل والمشاهد المبنية على قبور القساوسة والقديسين ..... إلخ مع ما يمارس عندها من صور الوثنية الصريحة بالتوجه بالسؤال إلى أموات غير أحياء، وهو ما وافقهم عليه فئام من هذه الأمة فغلوا في الصالحين غلو النصارى في القديسين، كما غلوا في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم غلو النصارى في المسيح عليه السلام، فذلك تأويل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ"، وإن افترقت الملتان بأن ملة التوحيد قد بقيت محفوظة الأصول فلا يخلو زمان من منكر لتلك البدع الحادثة، بخلاف ملة التثليث التي صار ذلك هو المعروف فيها فمن أنكره فهو الخارج عن الأصل!، ولذلك تلقى الحركات الإصلاحية، إن صح التعبير، في أوساط النصارى، بنبذ تقديس الصور والتماثيل .... إلخ، وهي الدعوة التي أطلقها مارتن لوثر المصلح البروتستانتي المعروف، تلقى استياء شديدا في أوساط النصارى الذين أشربت قلوبهم الغلو في تقديس البشر بإقامة التماثيل والصور والمشاهد .... وكنائسهم وآثارهم خير شاهد على ذلك، فكلها تدور حول فكرة المعظم في الديانة الذي لا وصول إلى النجاة إلا عن طريقه سواء أكان حيا يغفر الذنب بالاعتراف، أو ميتا تقضى عند قبره حوائج البشر!، فتلقى تلك الدعوة سخطا في صفوفهم لا سيما الرءوس منهم لما يشوبها من الأصل الإسلامي الراشد، فهي من جملة ما استفادته أوروبا، وإن أنكرت، من عقيدة الإسلام الصافية التي تنفي كل غلو، ولو في صاحب الرسالة صلى الله عليه وعلى آله وسلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير