تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 06 - 2010, 05:59 ص]ـ

ومن قوله تعالى:

وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ:

فذلك إمعان في التوبيخ صدر بالتهكم إذ ليست الإناث في أعرافهم مما يبشر به صاحبه، بل هو مما تسود به وجوههم لفساد تصورهم تصور: "والله ما هي بنعم الولد: نصرهن بكاء وبرهن سرقة! "، فجاءت النبوة لتذهب هذا الفساد بمادة صلاح علمي أعطى الإناث، معدن الرحمة بحكم ما جبلن عليه من الرقة التي تفنن كثير منهن في إهدارها بمزاحمة الرجال وظائفهم حتى صرن نسخة مشوهة من الذكور فخرجن عن مقتضى الفطرة الأولى وذلك مظنة الفساد في أي شأن دينيا كان أو دنيويا، فأي خروج عن الفطرة الأولى معارضة للسنن الكونية المحكمة ومعارضة المحكم لا تكون إلا بمتشابه مضطرب من الأقوال والأفعال فلا يتبعه إلا من زاغ قلبه، فجاءت النبوة لتزيل ها الفساد فـ: "مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ"، و: "مَنْ عَالَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ فَأَدَّبَهُنَّ وَزَوَّجَهُنَّ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ"، و: " ما أكرم النساء إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم"، و: " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي"، و: "إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ" إلا ما استثناه الشارع، عز وجل، من الأحكام التي اختص بها كل جنس، بمقتضى ما جبله الله، عز وجل، عليه من الخلقة الملائمة للوظيفة التي اختص بها، فذلك من الإيجاد المحكم لكل نوع فيلائمه من الوظائف ما لا يلائم الآخر، فوظيفة العبودية: وظيفة عامة تشترك فيها كل الخلائق إما برسم التكليف الشرعي أو التسيير الكوني فـ: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)، ووظائف الدنيا تتفاوت من جنس لآخر بل من فرد لآخر فليست وظائف الذكر، وقد جبل على القوة والشدة، أو هكذا يفترض!، كوظائف الأنثى وقد جبلت على الضعف واللين، فذلك، أيضا، من دلائل الإيجاد المعجز بخلق الزوج ونظيره لتظهر فيه آثار العناية بكلٍ إذ خلق له نظيره الذي يكمل نقصه ويجبر كسره، فتلك من آثار حكمته، فأوجد بقدرة نافذة، وهدى بحكمة بالغة، فهو: (الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى).

وفي السياق مزيد تنزل معهم في الجدال، إذ كيف استجاز أولئك المحجوبون نسبة ما تأنف منه أنفسهم إلى الرب، جل وعلا، فهلا نسبوا إليه الجنس الأعلى إن كانوا لا بد فاعلين؟!، مع كون الأمر محالا في حقه، عز وجل، على كل حال، وإنما هو جار على حد ما تقدم من التنزل مع الخصم في الجدال، ومع كون ما أنفت منه نفوسهم مما لا تأنف منه النفوس لمن فقه هذا الشأن فالإناث إن أحسن وليهن تأديبهن رأيت منهم صلاحا ورحما لا تراها من كثير من الذكور غلاظ الأكباد لا سيما في هذه الأعصار، ومناط أي صلاح في المعاش تعظيم أمر الرب، عز وجل، وتأويل شرعه في خلقه تأديبا وتهذيبا فمن أدب رعيته خاصة كانت أو عامة بأدب الشرع فإنه ملاق بذلك من الخير ما تقر به عينه في الدارين، فصلاح في الأولى ونجاة في الآخرة.

ومن قوله تعالى:

أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ: فذلك من تمام الإنكار عليهم إذ نسبوا إلى الرب، جل وعلا، ما لا يقدر على الانتصار فلا يجيد المخاصمة أو المقاتلة، فذلك جار على حد ما تقرر من التنزل مع الخصم في الجدال، فالإنكار فيه معتبر، وذلك مما يلائمه تقدير محذوف عقيب الاستفهام على وزان: أفسد قياس عقولكم وجعلتم الأدنى لله، عز وجل، والأعلى لكم، فالإنكار فيه من جنس الإنكار في قوله تعالى: (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى)، فالاستفهام إنكاري إبطالي لما بعده باعتبار عدم وقوعه، فالأصل باطل كما تقدم، فلم يتخذ، جل وعلا، ولدا من هذا الجنس أو ذاك، وهو توبيخي باعتبار ما ادعوه له، جل وعلا، إذ ادعائهم قد وقع بالفعل فاستلزم الإنكار عليهم بتوبيخهم وتقريعهم بهذا الاستفهام. وهو يدل على كمال انفراده، جل وعلا، بإيجاد جميع الأجناس والأنواع فانتفى اتخاذه الولد على

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير