تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

جهة العموم فـ: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ)، وانتفى اتخاذه البنات على جهة الخصوص، فذلك لازم الإنكار في هذه الآية وفي نحو قوله تعالى: (أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)، فلا ند له، جل وعلا، ولا نظير، ولا شريك له في وصفه، فإن الولد، كما تقدم، يشارك أباه الوصف، وإن باينه في العين، فلكل عين تقوم بنفسها، ولازم هذه المشاركة الباطلة: بطلان انفراده، جل وعلا، بخصائص الربوبية من إيجاد وتدبير، فيكون له فيها شريك، وهذا لازم مقالة كل من أشرك معه غيره في الذات والصفات، كما فعل النصارى الذين أشركوا معه الروح القدس والمسيح، عليهما السلام، على نزاع بينهم كبير، لم ولن يفصل، أبدا، لعدم جريانه على أصول عقلية صريحة، فهو من المحال الذاتي الذي لا تأتي به نبوة صحيحة، وإنما ينسب إليها زورا وبهتانا، فمن جعل الأقنومين: صفتين، فقد قال بتجسد الصفات في أعيان وانفصالها عن الموصوف مع صحة قيامها به قيام الصفة بالموصوف، فحصل التعدد في الذوات، مع ما يدعونه من وحدانية الذات، ومن جعلهما صورتين: فتجسد الرب، جل وعلا، فيهما، فقد ألحق النقص بالخالق، عز وجل، بأن جوز حلوله في صورة مخلوقة لا تنفك عن نقص يعتريها، فهي من العدم وإلى الفناء، وذلك محال في حق الرب الأول الآخر، جل وعلا، ولا يرد على ذلك الصورة العلمية التي يراها النائم، كرؤيته صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه، جل وعلا، في المنام، فتلك صورة علمية في الذهن فلا وجود لها في الخارج كالصور والذوات التي أثبتها أولئك، وهو لازم، أيضا، لكل من أشرك معه غيره في الربوبية أو الألوهية فلا ينفك ذلك عن اعتقاد في الشريك بنفع أو ضر أو نوع تصرف في الكون، كما يقع من الغلاة في الأنبياء والأئمة والأولياء، فلا ينفك دعاؤهم عن اعتقاد بنفعهم وضرهم، فالعاقل لا يدعو من يعتقد أنه لا يضر ولا ينفع، وإنما يرد الفساد على تصوره، فيعتقد النفع أو الضر فيمن لا يملكهما، فيدعوه لزوما، فذلك من الشرك في التصريف لأمر الكون والتدبير لشأن الخلق. ومثل أولئك من أشرك معه غيره في التدبير الحكمي الشرعي، فاستعار أحكام البشر، لتفصل في منازعاته، فلم يرد الأمر إلى الشارع، جل وعلا، فهو، أيضا، ممن قدح في دليل العناية، بتقديم ما حقه التأخير، فلسان حالهم بل مقال كثير منهم، ملاءمة الشرائع الأرضية دون الشرائع السماوية، فيكون نظر المخلوق للمخلوق، أحكم من نظر الخالق، جل وعلا، للمخلوق، وهل قدح في دليل العناية بالتدبير الشرعي المحكم أعظم من ذلك؟!، فكل قادح في كمال وصف الرب، جل وعلا، لا بد أن ينال قدحه من صحة دليل الإيجاد والعناية، فهو دليل وثيق الصلة بأوصاف القدرة والحكمة التي تظهر آثارها بدلالتي الإيجاد بالقدرة والعناية بالحكمة.

ومن قوله تعالى:

وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا: فذلك من الجعل الاعتقادي، فاعتقدوهم إناثا، وهو الجنس الأدنى وهم: عباد الرحمن على حد الحصر والتوكيد بتعريف الجزأين في معرض إثبات عبوديتهم في معرض الإنكار على مدعي بنوتهم لله، عز وجل، وفيه من معاني التشريف إصافة العبودية إلى الرحمن فهي عبودية خاصة على وزان: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)، ثم جاء الاستفهام إنكاريا إبطاليا لتخرصهم وقولهم على الله، بغير علم: أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ؟!، فذلك من الإلزام العقلي الصريح فذلك مما لا يدرك بالحدس وإنما يدرك بالحس، ولم يدركه أحدهم بحسه بداهة، ثم جاء الخبر في معرض التهديد: سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ، وَيُسْأَلُونَ فرعا عن الكتابة.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 06 - 2010, 05:27 ص]ـ

ومن قوله تعالى:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير