تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أرب، بل كانوا قبل النبوة أزهد الناس فيها، فلما اصطفاهم الرب، جل وعلا، لحملها، لم يكن ثم بد بد من الخضوع للأمر والقيام بالتكليف فليس الأمر اختيارا بل هو اصطفاء بعطاء لا يقبل الرد، فالنبوة منصب شرعي باعتبار ما يلقى إلى النبي من الكلمات الشرعيات الحاكمات، كوني باعتبار الاصطفاء فالله أعلم حيث يجعل رسالته، والنبي مرسل برسم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا)، فهو الذي أذن بخلق النبي وأذن ببعثه فبعث إليه الروح الأمين بأمره ونهيه.

ولا بد أن يظهر في خبر النبي من الصدق والاطراد ما يعرف به صدقه، فلا تعارض بين أقواله، إلا ما قد يتوهمه الناظر، لقلة بضاعته من علوم النبوات، فهي إما أن تكون مما يمكن الجمع بينها فيجمع بتخصيص بعضها لعموم بعض، أو تنزيل كل على حال بعينه فتكون الجهة منفكة فلا تعارض ...... إلخ، أو مما يعلم متأخره من متقدمه فينسخ المتأخر المتقدم، أو مما يرجح فيه بعض على بعض إسنادا: فيقدم الصحيح على الضعيف .... إلخ من المرجحات الإسنادية، أو دلالة فيقدم النص غير المحتمل على الظاهر المحتمل ..... إلخ من المرجحات المعنوية، ولا بد أن يظهر في المقابل في خبر الكاهن من الكذب والاضطراب ما يعرف به كذبه، فالتعارض في أقواله كائن بل بين، فلو صدق في كلمة لكذب في مئة، وذلك، كما تقدم، من رحمة الله، عز وجل، لئلا يلتبس على الناس أشرف البشر من الأنبياء بأخسهم من المتنبئين، فالنبوة فرقان بين النوعين فلا تحتمل القسمة العقلية وسطا بينهما، فإما أن يكون صاحب الدعوى أصدق الناس وإما أن يكون أكذبهم، ومع كل من الأدلة ما يؤيده إن كان صادقا ويعارضه بل يبطل دعواه إن كان كاذبا.

ثم ظهرت عناية الرب العظمى بالمسيح عليه السلام فتوفاه وفاة القبض والاستيفاء لا الموت والفناء، ورفعه إليه ذاتا وقدرا وطهره من الذين كفروا وجعل أتباعه من الموحدين في كل زمان من لدن بعث فآمنت به فئام لم تبدل حتى جاء النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم مصدقا لدينه فدين الرسل عليهم السلام واحد ناسخا لشرعه بالشريعة الخاتمة فصار أتباع المسيح عليه السلام هم أتباع النبي الأمين صلى اله عليه وعلى آله وسلم فهم أولى الناس بعيسى وموسى والخليل وكل نبي جليل بعثه رب العالمين، فدين الرسالات واحد، والرحم بين الأنبياء كائن فكلهم أبناء دين التوحيد وإن اختلفت أرحام الشرائع جلالا كشريعة الكليم، وجمالا كشريعة المسيح، وكمالا كشريعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

والله أعلى وأعلم.

ـ[المراغي]ــــــــ[15 - 06 - 2010, 01:42 م]ـ

أخي الكريم ..

بعد قراءة متأنية ومكررة، لست أدري ماذا أقول ..

زادك الله من علمه ونورك كما نورتنا، وجزيت الخير كله.

ـ[الدوسري]ــــــــ[15 - 06 - 2010, 08:58 م]ـ

بارك الله فيك اخوي مهاجر

ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 06 - 2010, 05:47 ص]ـ

وبارك فيك أخي أبا عبد الرحمن وجزاك خيرا على المرور والتعليق.

ومن قوله تعالى:

وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ:

فلو شاء الله، عز وجل، لجعل بدل البشر الآدميين ملائكة مطهرين يخلف بعضهم بعضا في الأرض، فمن في هذا السياق تحمل على البدلية، ولكن حكمته، عز وجل، اقتضت أن يتولى بنو آدم منصب الخلافة بما ركب فيهم من شهوات وقوى تتدافع لتظهر آثار حكمة الرب، جل وعلا، في ذلك، فلو كانوا على حد الملائكة من التجرد من الشهوات والأعراض البشرية ما ظهرت آثار أسماء الله، عز وجل، جمالا وجلالا، ففقر البشر إلى المطعوم والمشروب تظهر به آثار رحمة الله، عز وجل، أن يسر لكل كائن أسباب بقائه، فتلك من دلالة عنايته بكل مخلوق بأن ركب فيه بحكمته البالغة قوى ينتظم بها أمره فذلك من دلالة الإيجاد المعجز، فآيات الإتقان في الصنعة الربانية ظاهرة، وأمد تلك القوى بما يلائمها من أسباب البقاء وفق سنن كوني محكم به تظهر آثار اسمه الحكيم، وفقر الكائنات لا سيما من تطعم وتشرب وتنكح وتأتي مواضع الحاجة وتنام وتمرض وتموت ...... إلخ من عوارض النقص تظهر به آثار اسمه الغني فمقابل فقرها الذاتي اللازم: ضده من الغنى الذاتي اللازم لله،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير