تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أو على تقدير مضاف على تقدير: وإنه لذو علم بالساعة لكون نزوله إعلاما بقرب وقوعها، فيكون ذلك من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وهو مما اطرد استعماله في لسان العرب، فصاحب "الأضواء"، أضاء الله ضريحه، على أصله في منع وقوع المجاز في الكتاب العزيز فمجاز المسببية المرسل كما في القول الأول، ومجاز الحذف كما في القول الثاني، كلاهما مما استعملته العرب في كلامها فصار حقيقة وإن أدرجه البلاغيون في باب المجاز في علم البيان، فذلك تقسيم اصطلاحي متأخر لم تعرفه العرب زمن الاحتجاج، فلا يحاكم لفظ المتقدم إلى اصطلاح المتأخر الحادث بعد انقضاء زمن الاحتجاج.

أو يكون الإخبار عنه بأنه علم للساعة من باب المبالغة على وزان قولك: محمد عدل، فأخبر بالمصدر عن الذات، والأصل أن يخبر عنها بمشتق دال على وصف قائم بها، كأن يقال: محمد عادل، ولكن الصفة لما كانت شديدة الملابسة له صح الإخبار عنه بمصدرها فكأن معناها قد تجسد في ذاته لشدة اتصافه بها، فيكون المسيح عليه السلام لكونه أمارة ظاهرة على الساعة كأنه هو علم الساعة ذاتها، مع أنه دليل عليها. وذلك، أيضا، مما عرفته العرب في كلامها فلا حاجة إلى تكلف القول بالمجاز تخريجا له، فلسان العرب يحتمله حقيقة ولا يعدل عن الحقيقة، مع إمكان حمل الكلام عليها، إلى المجاز كما أثر ذلك عن القرطبي رحمه الله في تفسيره إذ يقول: "وإذا دار الكلام بين الحقيقة والمجاز فالحقيقة الأصل كما في كتب الأصول". اهـ

فتلك تخريجات صاحب "الأضواء" رحمه الله. فهو علم على الساعة فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا، فذلك من التصديق الخبري، و: وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيم: فذلك تصديق القول بالعمل على ما اطرد من التلازم الوثيق بين القول والعمل فهما داخلان في حد الإيمان اللازم لحصول النجاة دخول الجزء في كله فدلالة الإيمان على قول القلب تصديقا وقول اللسان إقرارا وعملها جميعا فللقلب أعماله الدقيقة من خشية وتوكل وللسان أعماله من الذكر، وللبدن أعماله من الصلاة والصيام والحج والجهاد ...... إلخ، دلالة الإيمان على كلها: دلالة مطابقة فهي أجزاؤه التي يحصل بالصورة المجموعة منها صورة الإيمان الواجب، فإن فقد أحدها نقص من الإيمان بقدره فشوهت صورته بقدر ما ينتقص منها بل ربما انهد البنيان ومزقت الصورة بزوال أحد الأركان مما لا يقوم الإيمان إلا به، أو ورود ناقض قلبي أو قولي أو عملي، على ما اطرد من كلام المحققين من أهل العلم من نقض الإيمان بكل أجناسها: القلبية واللسانية والعملية فلا يقتصر ذلك على الناقض القلبي فقط كما ذهب إلى ذلك أهل الكلام. ودلالته على أحدها: دلالة تضمن فالمجموع يتضمن أجزاءه بداهة، فالاعتقاد جزء، والقول جزء، والعمل جزء والإيمان مجموع يتركب منها.

وأما صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، فقد جعل الضمير عائدا على الكتاب العزيز ففيه علم الساعة بذكر أشراطها، وجعل ذلك أيضا من مجاز المسببية إذ أطلق المسبب وهو العلم وأراد السبب وهو الكتاب العزيز فهو وسيلة العلم بأشراط الساعة وأهوالها فيكون الضمير في: "إنه" عائدا على القرآن، فلا يكون عائدا على أقرب مذكور وهو المسيح عليه السلام وذلك مما يرجح القول الأول، أو يكون الأمر عنده من باب مجاز التعلق الاشتقاقي عند من يقول بالمجاز فأطلق المصدر: علم وأراد اسم الفاعل وهو: المُعْلِم فهو معلم بقرب وقوع الساعة.

وقرئ: "لَعَلم" من العلامة فلا يكون في هذا الوجه حاجة إلى تخريج الآيات على المجاز أو ضده بحمل الكلام على الحقائق المتداولة عند العرب في نطقها كما تقدم.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 06 - 2010, 12:10 م]ـ

وعودة إلى سورة الأحزاب، وإلى آية الأمانة تحديدا، فهي محمولة على خلافة الله، عز وجل، في الأرض، خلافة الابتلاء، وفيها من صور التكريم والعناية، ما فيها، فـ:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير