تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حتى حصل الفداء المزعوم، بصلب الناسوت، ومع ذلك لم تزل البشرية يظلم بعضها بعضا، ويسترق بعضها بعضا، ولم يزل الدين المبدل يقر هذا الظلم، بل ويمتدحه فهو دليل على وقوع الخطيئة التي تلطخ بها بعض البشر دون بعض!، فتلطخ بها الفلاحون في إقطاعيات النبلاء والقساوسة، دون رجال السياسة والدين المتآمرين على البشر في عصور الإقطاع الأوروبي المظلمة الظالمة للنوع الإنساني بتسفيه أحلامه واسترقاق أبدانه باسم الديانة، فالصبر على الظلم، وعدم السعي في رفعه على منهاج النبوة، والقعود عن طلب الحق فلا ينال إلا من أرباب الكنيسة، فليس لعقول العامة إدراك لما يدركه القساوسة من الأسرار المقدسة التي تنقض قياس العقل نقضا!، الصبر على كل تلك الأوضاع الجائرة برسم الجبر فهو من المقدور المكتوب فلا مبدل له، الصبر على ذلك هو طريق العبد إلى الملكوت وإن عاش حياته في قيد الذل باسم السياسة تارة، فالنبلاء قد استرقوا بدنه في مزارعهم، وباسم الديانة أخرى، فالقساوسة قد استرقوا روحه، بل وبدنه في إقطاعياتهم بأعمال السخرة التي تنقض دعواهم الزهد الذي لا يجب إلا على عامة الشعب!، في حين ولغ الخاصة من أهل السياسة والدين في أوحال الشهوات المزرية التي لا تليق بآحاد الرعية فضلا عن خواصهم، فضلا عن رجال الدين المقدسين فهم نواب المسيح عليه السلام بعد صلبه!، وتلطخ بها أيضا، العمال في المعسكر الآخر: معسكر الإلحاد الشرقي، فالبلاشفة قد حقروا من شأن هذا الخليفة، فجعلوه حيوانا، بل مادة، فذلك مزيد إهانة وتحقير كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين، فالحيوان أرقى منها تكوينا، فاسترق البشر بحاجاتهم الحيوانية في مصانع ومزارع الثورة التي بشرت بالمساواة، وقد وفت، فساوت بين عموم الشعب في الظلم والقهر والإرهاب، واختصت نفسها بمآثر إنتاجهم، فأعضاء الحزب ينتفعون بنتاج غيرهم، فلهم وحدهم بقدر ترقيهم في درجات الحزب: نتاج ما لم تعمل أيديهم، فبقدر الدرجة الحزبية تكون الامتيازات الدنيوية، ولغيرهم من الكادحين من العمال الذين قامت الثورة باسمهم فهي ثورة البروليتاريا على طبقة الإقطاع، لأولئك المغرورين بشعارات الثورة: فتات موائد أعضاء الحزب، فأي تحقير للنوع الإنساني أعظم من ذلك، ونظيره في المعسكر الرأسمالي، وإن كانت الصورة أكثر قبولا، بادي الرأي، فمسرحية الديمقراطية المزعومة التي يحكم الشعب بها نفسه، من جنس مسرحية حكم الطبقة الكادحة لنفسها بامتلاكها أدوات الإنتاج واستنابتها الدولة المركزية في إدارتها لتستأثر تلك الدولة الطاغوتية بكل مآثر من نابت عنه، ولم تنب عنه، عند التحقيق، إلا بسيف الإرهاب والبطش، فهو من جنس سيف الإرهاب الذي تشكل به المجالس النيابية الصورية في دول العالم الثالث المتخلفة، وأغلبها، بطبيعة الحال، من الدول الإسلامية!، والعربية تحديدا، ففي كثير منها من التسلط والقهر حتى في تشكيل تلك المجالس التي تجيز لنفسها سن قوانين وتشريعات تخالف أحكام الرسالة الخاتمة، ففي المعسكر الغربي الديمقراطي تستأثر الطبقة المؤثرة في صنع القرار، وهي طبقة الرأسماليين أصحاب المصانع ورءوس الأموال، تستأثر بسن القوانين التي تخدم مصالحها وتضمن هيمنتها على مجريات الأمور، ولو أدى ذلك إلى الإضرار بالمصلحة العامة، فالمصلحة الخاصة لتلك الطبقة الجائرة فوق كل اعتبار، فهي التي تملك الثروة، وهي التي توجه الرأي العام لسيطرتها شبه التامة على وسائل الإعلام، وهي التي تمول حملات المرشحين، حتي في الديمقراطيات المتقدمة، لتأتي برأس صوري، وأعضاء مجالس، هي عند التحقيق صورية، وإن كان هامش الحرية فيها أكبر من هامش الحرية في دول الحزب الواحد سواء أكانت بائدة كالشيوعيات المنقرضة، أم باقية إلى الآن، كالدول التي تأثرت بالمد الشيوعي في الستينيات، فابتدعت نظما اشتراكية فاشلة تقوم، أيضا، على مبدأ: الحزب الواحد فكل من يباينه الرأي ولو بحجة: عميل للرجعية التي يعنون بها: الدين والإقطاع، وكأن بلاد المسلمين كانت كبلاد أوروبا في عصور الإقطاع، فكان دينها كدين أوروبا: محرفا وكانت سياساتها وإن وقع فيها الجور لا سيما في الأعصار المتأخرة من جنس سياسات أوروبا الإقطاعية التي بلغت الغاية في الجور وإهانة الإنسان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير