تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الْمُؤْمِنِينَ)، فالأنبياء، عليهم السلام، وأتباعهم منصورون بمقتضى الكلمة الكونية النافذة فـ: (لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)، فإما نصر بالقدر الكوني فـ: (كَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)، وإما نصر بالقدر الشرعي الموجب للأخذ بأسباب القتال دفعا وطلبا، فـ: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، فينزل الرب، جل وعلا، عذابه بالكفار بأيدي المؤمنين، فهم سبب كسائر الأسباب، فـ: (مَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، فبذل السبب غاية المؤمن طلبا للثواب، وأما تولد النتيجة منه بإصابة الهدف فذلك لا يكون إلا بتقدير الرب، جل وعلا، بمشيئته الكونية العامة.

فكانت صورة العذاب الكوني النازل بساحة القوم: وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا: فنكر تعظيما، فالتنكير يفيد التهويل بإبهام المنكر، وقد جاء بيانه في مواضع أخر من التنزيل كقوله تعالى: (حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ)، فذلك جار على ما اطرد من طريقة المحققين من أهل التأويل في تفسير آي التنزيل بالتنزيل، فتجمع أدلة الباب لتكتمل صورة الاستدلال. ثم جاء التذييل بالأمر بالنظر على جهة التفكر، فهو من رؤية البصيرة بقرينة تعلقه بالكيف، فهو حال، والحال مظنة النظر العقلي طلبا للعبرة: فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ: فأفاد الأمر بدلالته المعجمية: الوجوب فالنظر في أخبار السابقين من آكد أسباب النجاة بالإيمان بالرسالات، فالقياس القرآني الصريح قاض بالتسوية بين المتماثلين، فمن سار على طريقتهم في الجحود والتكذيب فله ما لهم من الوعيد ثم العقاب، والتفريق بين المختلفين، فمن سار على ضد ما ساروا عليه، فآمن تصديقا بالخبر وامتثالا للأمر، فله من الوعد ثم النجاة ما يقابل وعيدهم وعقابهم بالإهلاك والاستئصال.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 06 - 2010, 06:19 ص]ـ

ومن سورة الكهف:

ومن صور العناية بالمؤمنين: سواء أكانوا مرسلين أم مؤمنين:

ومن قوله تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً):

فصدر السياق بالتوكيد بتكرار الفاعل مضمرا في المسند: "نقص"، فذلك من التنويه بشأن المذكور، وهو من أدلة عناية الرب، جل وعلا، بنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقد سألته قريش بمشورة يهود، وهم أعلم الناس بصفته، وأعلم الناس آنذاك بما قد كان في القرون الأولى، فهم أهل الكتاب الذي جمع من أخبار السابقين ما لم يجمع غيره، فالعهد القديم عمدة الكتاب عند أهل الكتابين، فعليه يحيل النصارى في الأحكام الشرعية، فلم يأت المسيح عليه السلام لينقض الناموس بل ليتمه، فذلك منطوق كتابهم، وقد جاء الكتاب العزيز بتصديقه: (وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ)، فكان من عناية الرب، جل وعلا، بنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن قص عليه من نبأهم ما يدل على صدق دعواه، فالنبي لا يكذب في خبره، فذلك من المحال الذاتي، فهو معصوم من الكذب مطلقا، ومعصوم من الخطأ والسهو والنسيان، حال البلاغ، فالوحي المنزل قد بلغه، وحفظه الرب، جل وعلا، إقامة للحجة الرسالية بحفظ آخر كتاب مما قد وقع لما تقدمه من التحريف في مبانيه تبديلا ومعانيه تأويلا، والشاهد أن من أظهر دلائل النبوة: إخبار النبي عما قد وقع في الماضي، مما لا علم له به فـ: (مَا كُنْتَ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير