تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

النكول عن نصرة الحق كما هي حالنا في الأعصار المتأخرة التي اضطربت فيها الأولويات، فصارت الدنيا معقد العزائم الدنية التي لا تتحرك إلا لها، ولو كانت شهوة محرمة، وصار الدين في ذيل القائمة فإن وجد لنصرته والغيرة على محارمه وقت: ففضول زائدة ومساحات بينة شاغرة بين هموم الدنيا!، ولا ينصر دين قد اضطربت أولويات أتباعه، فعزل الدين عن منصب الصدارة، وإذا سألت عن سر تسلط أهل الباطل من الكفار الأصليين وأذنابهم من المرتدين والزنادقة والعلمانيين، سواء أكانوا في الخارج أم في الداخل، كما يقع الآن في بلد كمصر انتفش فيه الهر فصار أسدا، فخضعت الأكثرية المستضعفة من المسلمين!، للأقلية النصرانية المهينة التي اتخذت شرطي العالم لها عضدا فضلا عن تآمر دولة علمانية تكيل بمكيالين استبقاء لمصالح وتحالفات استراتيجية موهومة تلعب فيها دوما دور التابع الذليل، وإن صرح أعداؤها بأنها حليف متين، فهي كذلك بالفعل في نصب العداء لأهل الحق، إذا سألت عن سر تسلط الذليل عليك حتى سامك الذل الذي ضرب عليه، إذا سألت عن ذلك فالجواب هو ما تقدم من اضطراب الأولويات الذي أودى بمروءة أهل الإسلام، فلم يعد في القلب من الغيرة على المضطهدين في الله، جل وعلا، كإخواننا وأخواتنا المستترين بدينهم ممن هدي إلى دين التوحيد من النصارى المثلثة، فقد رفعت الدولة المدنية المزعومة التي تتدعي حرية الاعتقاد، رفعت يد الحماية عنهم، ولو برسم المواطنة!، إرضاء لرءوس الضلالة من كهنة وقساوسة السوء، ومن يحركهم من قوى الشر القابعة على الشاطئ الآخر من الأطلنطي، فلم يعد في القلب من الغيرة على أولئك السادة الأفاضل، إلا ما يستحق به الرجال وصف الذكورة فذلك يكفيهم في الوقت الراهن!، فلا يسوي الله، عز وجل، بين رجال ونساء بذلوا من دنياهم ما بذلوا طلبا للحق، حتى قتل وأسر وعذب منهم نساء سمعنا ونسمع هذه الأيام من قصصهم ما يدل يقينا على صحة هذه الرسالة، فلو أنصف من يصنف في دلائل النبوة لعدهن من جملتها، فإن الثبات على هذا النحو على دين يضطهد بل يسحق أهله على هذا النحو، بل أهله قد فرطوا فيه وصاروا دعاية سوء تصد الناس عنه، الثبات مع عظم المصيبة وقلة الجدوى بل عدمها في الدنيا فليس ثم رجال يدفعون عنهن فضلا عن أن تكون هناك مكاسب مادية عاجلة!، الثبات على هذا النحو لا يكون إلا على دين صحيح ورسالة محفوظة تصنع ممن يعتنقها عملاقا عزيزا وإن نال منه أهل الباطل فهم الأذلة وهو العزيز، وتصير من يخذلها، ولو كان من أهلها قزما ذليلا، كا هي حال عامة المسلمين وراثة في زماننا، فلا يسوي الله، عز وجل، بين أولئك، وبين من ورث هذه التركة العظيمة فلم يصنها، والدين عزيز لا يصبر على جوار ذليل النفس، أو جوار من يزهد فيه وقد زهد فيه مجموعنا من لدن رضيا بشعارات الشرق والغرب عوضا عنه، فأنى يعز الرب، جل وعلا، بالإسلام من نبذه؟!، وهل يكون ذلك إلا عين السفه الذي تنزه الرب الحكيم، جل وعلا، عنه بداهة؟!.

ثم جاء وصف التنزيل: رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ: فالشرع كله رحمة، فما نزل إلا لينتفع العباد بأحكامه ويتنعموا في رياضه، فهو رحمة للموافق في الدنيا لعدله في أحكامه، والآخرة: لعظم الجزاء على امتثاله، وللمخالف فلا يخشى في ظل حكمه بخسا ولا رهقا، بل والأمر الكوني أيضا: رحمة، بالنظر إلى مآلاته، فقد يكون شرا عاجلا، كالذي نراه الآن في عالم قد عزلت فيه الرسالة عن منصب القيادة، ولكنه مؤد لا محالة إلى خير يفوقه، فليس بعد الشدة إلا الرخاء، وليس بعد الكرب العظيم إلا فرج قريب، وإن طال زمان الابتلاء حينا فتلك سنة الرب، جل وعلا، فـ: (لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)، و: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)، فنصره قريب وإن استبطأه المتعجلون، فلا يعجل، تبارك وتعالى، لعجلة أحد، وفرجه قريب، فـ: (إنَّ مَعَ الْعُسْرِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير