تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فِي الْبَاطِنِ مُجْتَهِدًا وَأَقَلُّ عُقُوبَتِهِ أَنْ يُهْجَرَ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَرْتَبَةٌ فِي الدِّينِ لَا يُؤْخَذُ عَنْهُ الْعِلْمُ وَلَا يُسْتَقْضَى وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا وَلِهَذَا لَمْ يُخَرِّجْ أَهْلُ الصَّحِيحِ لِمَنْ كَانَ دَاعِيَةً وَلَكِنْ رَوَوْا هُمْ وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ كَانَ يَرَى فِي الْبَاطِنِ رَأْيَ الْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ. وَقَالَ أَحْمَد: لَوْ تَرَكْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ الْقَدَرِيَّةِ لَتَرَكْنَا أَكْثَرَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَهَذَا لَأَنَّ "مَسْأَلَةَ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَإِرَادَةِ الْكَائِنَاتِ" مَسْأَلَةٌ مُشْكِلَةٌ". اهـ

وذلك من رحمة أهل العلم الذين فرقوا بين الداعي إلى البدعة، والمنتحل لها على حد الاعتقاد الباطن دون أن يظهره أو يدعو إليه أو ينافح عنه، كما يقع من رءوس البدع علمية كانت أو عملية.

وأيوب، رحمه الله، من أهل البصرة، الذين ظهرت فيهم مقالة القدر ابتداء، فجاء قوله: شاهد عيان على حدوث تلك المقالة الردية، وقد كانت البصرة قريبة عهد بمقالات المجوس من أهل فارس، فضلا عما نال عبادها من أثر الطرائق الرياضية للأمم السابقة، فظهر الغلو في الزهد والعبادة فكانت تلك بذرة التصوف الذي نما وتشعب بعد ذلك فبلغ من المروق ما بلغ، وإن كان كثير من أهل الطريق، لا سيما المتقدمين، على رسم السنة علما وعملا.

وذلك مما يؤكد على ما تقدم من الأصول الأجنبية للمقالات الحادثة، فلم تظهر تلك المقالات في أرض الحجاز، إذ هي معدن الرسالة ومأرز السنة، بخلاف البصرة والكوفة ونحوهما من الأمصار النائية التي فشا الجهل والجفاء في أهلها لقربها من أمم حديثة عهد بكفر، فعندها من الموروث العقدي المنحرف ما عندها فضلا عن دخول بعضها الإسلام على حد النفاق للكيد له وحربه فكريا بعد أن قهرهم سيفه عسكريا، كما أشار إلى ذلك ابن خلدون رحمه الله.

ولما أراد ابن سبأ إشعال الفتنة لم يجد لها وقودا إلا رجال تلك الأمصار من أصحاب الأجساد العريضة والأحلام السفيهة! فَجَيَّش فرقهم من مصر والبصرة والكوفة، إذ قد حاول في أرض الحجاز ففشل، فهي عن مكره بمعزل، ففيها بقية الصحب الكرام، رضي الله عنهم، حملة هذا الوحي وعسكره المرابط على ثغوره.

والعلم الشرعي الصحيح الصريح عصمة لحامله من الشبهات العلمية والشهوات العملية.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 10 - 2009, 02:58 م]ـ

قال ابن القيم رحمه الله:

"وقال عطاءُ عن ابن عباس فى قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون} [الجاثية: 29]، قال: كتب الله أَعمال بني آدم وما هم عاملون إِلى يوم القيامة. قال: والملائكة تستنسخ ما يعمل بنو آدم يوماً بيوم فذلك قوله: {إِنّ كُنّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 29] وفي الآية قول آخر: إِن استنساخ الملائكة هو كتابتهم لما يعمل بنو آدم بعد أَن يعملوه وقد يقال وهو الأَظهر: إِن الآية تعم الأَمرين، فيأْمر الله ملائكته فتستنسخ من أُم الكتاب أَعمال بني آدم ثم يكتبونها عليهم إِذا عملوها فلا تزيد على ما نسخوه من أُم الكتاب ذرة ولا تنقصها". اهـ

ص84.

فالنسخ يطلق على: الإزالة وهو معناه اللغوي، كما في قوله تعالى: (فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، فالمعنى: فيرفع الله ما يلقي الشيطان ويزيله، ثم يحكم آياته، ولقائل أن يقول: الآية نص في النسخ الشرعي المعهود، إذ المحكم، الذي دل عليه قوله تعالى: (ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ)، لا يقبل النسخ ولو في زمن الرسالة، فمقابله: المتشابه وهو المنسوخ في قول جماعة من أهل العلم، فيكون المحكم هو: ناسخه، إذ قد استقر إلى آخر هذه الدار.

ويطلق على النسخ الشرعي: رفع السابق بلاحق، كما في قوله تعالى: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير