تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو طارق]ــــــــ[19 - 10 - 2009, 05:18 م]ـ

جزاك الله خير الجزاء

ولا أراك الله سوءًا أستاذنا الفاضل

ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 10 - 2009, 02:56 م]ـ

جزاك الله خيرا أبا طارق، أيها الكريم، وشكر لك مرورك وتعليقك ودعاءك الطيب.

يقول ابن القيم رحمه الله:

"وذكر أَبو داود أيضاً عن عائشة يرفعه: (إِن الله حين يريد أَن يخلق الْخلق يبعث ملكاً فيدخل على الرحم فيقول: أَي رب ماذا؟ فيقول: غلام، أَو جارية، أَو ما شاءَ الله أَن يخلق في الرحم. فيقول: أَي رب، أَشقي أم سعيد؟ فيقول: شقي أو سعيد. فيقول: أي رب، ما أجله، فيقول كذا وكذا. فيقول أي رب، ما خلقه؟ فيقول: كذا وكذا، قال: فيقول: يا رب، ما خلائقه؟ فيقول: كذا وكذا، قال: فمَا من شيء إِلا وهو يخلق معه في الرحم) ". اهـ

ص91.

ففي هذا الحديث بيان زائد لا يعارض ما تقدم في حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، فقد ذكر نوع الولد ذكرا أو أنثى في كليهما فجاء في الحديث الأول بلفظ: "يا رب، أذكر أم أنثى"، وفي الحديث الثاني بلفظ: "غلام أو جارية"، بخلاف بقية الأوامر الكونية التي جاءت في الحديث الأول على حد الإجمال الذي دل عليه قوله: "فيقضي الله أمره، ثم يكتب بين عينيه ما هو لاق حتى النكبة ينكبها"، فعموم المضاف إلى ضمير الغائب في: "أمره" قد فصله قوله في هذا الحديث: "فيقول: أَي رب، أَشقي أم سعيد؟ فيقول: شقي أو سعيد ............. "، فهذا الأمر المجمل هو أمر الشقاوة أو السعادة والخُلُق والخَلْق والأجل، فذلك تفصيل جزئي، إذ ينظر في بقية الروايات على حد الاستقراء لبقية الكلمات الكونيات المكتوبة مما لم يذكر في هذا السياق من: العمل، في نحو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "ويكتب عمله وأثره"، وقد يقال بأن ذلك داخل في عموم: "خُلُقه"، فإن الأعمال: حسنا أو قبحا إنما تكون على حد الأخلاق: حسنا أو قبحا، فكل إناء بما فيه ينضح، فمن حسن خلقه حسن عمله لزوما، ومن ساء خلقه ساء عمله لزوما، وذلك إنما يكون بقيد: الديانة، فإن الأخلاق المعتبرة في هذا المقام هي: الأخلاق الشرعية، أخلاق: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا)، لا الأخلاق النفعية التي يحصل بها صاحبها مكاسب دنيوية عاجلة، من ثناء أو مقابلة بجنس ما يتحلى به، فهو يطلب نصيبه العاجل ممن ينتفعون بأخلاقه، على حد ما يقع في المبادلات التجارية من لباقة مصطنعة ينتقي صاحبها أجود الألفاظ استئلافا لقلب العميل!، فإذا انتهت المعاملة انتهى كل شيء، فما بدأ إلا لغرض دنيوي عاجل، بنهايته تنتهي العلائق، ولكل غاية هو مبتغيها، ووجهة هو موليها، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.

والشاهد أن الواجب في هذا الباب: جمع الروايات، كما صنع ابن القيم، رحمه الله، إذ بجمعها تزول إشكالات كثيرة، في تعيين أجناس المكتوب، كما تقدم، وفي أوقات كتابتها، وأوقات اكتمال التصوير ونفخ الروح، وهل يكون ذلك قبل كتب الكلمات أو بعدها، ومتى يقدر التصوير، ومتى يقع ............. إلخ من الإشكالات التي يأتي بيان جمع أهل العلم بينها، إن شاء الله، إذ لا تعارض بينها عند النظر والتأمل، إذ لا يتصور تعارض بين روايات صحيحة، قد تساوت درجة صحتها، إلا على حد النسخ، والنسخ لا يكون في باب خبري كباب القدر، إذ تجويز ذلك: تجويز لوقوع الكذب في خبر الشارع، عز وجل، بخلاف الأحكام فإن النسخ يطرأ عليها لتبدل أحوال الأمم وتباينها، بل لتبدل أحوال الأمة الواحدة في مبدئها ومنتهاها، فإذا انتفى ذلك التعارض، إلا على حد الترجيح بين الروايات إن تعذر الجمع بينها وذلك آخر ما يلجأ إليه الناظر في نصوص الشرع المنزل، إذا انتفى ذلك: وجب حمل الروايات على حد: المجمل ومبينه، فما أجمل في موضع بين في آخر، وما ذكر في موضع لم يذكر في الآخر، ففي كل زيادة لا توجد في الآخر، فتلتئم الروايات، وتكتمل صورة الاستدلال، وهذا مسلك الراسخين في العلم، ممن يؤلفون بين نصوص الباب، بخلاف أهل الزيغ الذين يعارضون المحكم بالمتشابه، والواجب حمل المتشابه سواء

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير