تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال رحمه الله: "وقد ورد أنَّ هذه الكتابة تكتب بين عيني الجنين، ففي "مسند البزار" عن ابن عمر رضي الله عنهما، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا خلَقَ الله النسمةَ، قال مَلَكُ الأرحام: أي ربِّ أذكرٌ أم أنثى؟ قالَ: فيقْضِي الله إليه أمره، ثُمَّ يقول: أي ربِّ أشقيٌّ أم سعيدٌ؟ فيقضي الله إليه أمره، ثُمَّ يكتب بَيْنَ عينيه ما هوَ لاقٍ حتَّى النَّكبة يُنكَبُها".

وقد رُوي موقوفاً على ابن عمر غير مرفوع، وحديثُ حذيفةَ بن أسيد المتقدم صريحٌ في أنَّ الملك يكتبُ ذلك في صحيفةٍ، ولعلَّه يكتب في صحيفة، ويكتب بين عيني الولد". اهـ

وقد ذكر بعض الفضلاء المعاصرين ممن لهم نوع اهتمام بمسائل الإعجاز العلمي في نصوص الشريعة: كتابا وسنة، أن كتابة على هيئة تعاريج غريبة الشكل قد سجلتها الأشعة التليفزيونية على جبين الجنين، فلعلها أثر تلك الكتابة الكونية بين عينيه.

يقول ابن القيم رحمه الله:

"وقال ابن وهب: أَخبرنى ابن لهيعة عن كعب بن علقمة عن عيسى بن هلال عن عبد الله بن عمرو بن العاص أَنه قال: إِذا مكثت النطفة فى رحم المرأَة أَربعين يوماً جاءَها ملك فاختلجها، ثم عرج بها إلى الرحمن عز وجل فقال: اخلق يا أَحسن الخالقين. فيقضى الله فيها بما يشاءُ من أَمره، ثم يدفع إِلى الملك، فيسأَل الملك عن ذلك فيقول: يا رب، سقط أَم تم؟ فيبين له، ثم يقول: يا رب واحد أَو توأَم؟ فيبين له، ثم يقول: يا رب ذكر أَم أُنثى؟ فيبين له، فيقول: يا رب، أناقص الأجل أم تام الأجل؟ فيبين له ذلك، ثم يقول: يا رب، أشقى أَم سعيد؟ فيبين له، ثم يقول: يا رب، اقطع رزقه مع خلقه، فيهبط بهما جميعاً. فوالذي نفسى بيده ما ينال من الدنيا إِلا ما قسم له، فإِذا أَكل رزقه قبض". اهـ

ص92.

وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "ما ينال من الدنيا إِلا ما قسم له"

جار على ما تقدم بيانه من القصر بأقوى أساليبه فذلك آكد في تقرير عموم الخبر، على تقدير نكرة في سياق النفي: ما ينال من الدنيا شيئا إلا ما قسم له. وهذا العموم أيضا: محفوظ، إن أريد به الرزق المبرم في اللوح المحفوظ، بخلاف الرزق المعلق في صحف الملائكة، فتلك إحدى صور القضاء المبرم والمعلق، فما يجري على النوع من الإبرام أو القضاء يجري على أفراده: أجلا أو رزقا ........... إلخ.

يقول ابن تيمية رحمه الله:

"الرِّزْقُ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا عَلِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَرْزُقُهُ فَهَذَا لَا يَتَغَيَّرُ.

وَالثَّانِي: مَا كَتَبَهُ وَأَعْلَمَ بِهِ الْمَلَائِكَةَ فَهَذَا يَزِيدُ وَيَنْقُصُ بِحَسَبِ الْأَسْبَابِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ أَنْ تَكْتُبَ لَهُ رِزْقًا وَإِنْ وَصَلَ رَحِمَهُ زَادَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ. وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ}. وَكَذَلِكَ عُمْرُ داود زَادَ سِتِّينَ سَنَةً فَجَعَلَهُ اللَّهُ مِائَةً بَعْدَ أَنْ كَانَ أَرْبَعِينَ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ عُمَرَ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي شَقِيًّا فَامْحُنِي وَاكْتُبْنِي سَعِيدًا فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْله تَعَالَى عَنْ نُوحٍ: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}. وَشَوَاهِدُهُ كَثِيرَةٌ. وَالْأَسْبَابُ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الرِّزْقُ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ وَكَتَبَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ بِأَنَّهُ يَرْزُقُ الْعَبْدَ بِسَعْيِهِ وَاكْتِسَابِهِ أَلْهَمَهُ السَّعْيَ وَالِاكْتِسَابَ وَذَلِكَ الَّذِي قَدَّرَهُ لَهُ بِالِاكْتِسَابِ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ الِاكْتِسَابِ وَمَا قَدَّرَهُ لَهُ بِغَيْرِ اكْتِسَابٍ كَمَوْتِ مَوْرُوثِهِ يَأْتِيهِ بِهِ بِغَيْرِ اكْتِسَابٍ وَالسَّعْيُ سعيان: سَعْيٌ فِيمَا نُصِبَ لِلرِّزْقِ؛ كَالصِّنَاعَةِ وَالزِّرَاعَةِ وَالتِّجَارَةِ. وَسَعْيٌ بِالدُّعَاءِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير