للنطفة بعد الأربعين، والتقدير الثانى تقدير لما يكون للجنين بعد تصويره". اهـ
ص93.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 10 - 2009, 05:37 م]ـ
يقول ابن القيم رحمه الله:
"وفى الصحيحين عن أَنس بن مالك - ورفع الحديث - قال: (إِنَّ اللهَ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكاً فَيَقُولُ: أَي رَبِ نُطْفَة، أَي رَب عَلَقَة، أَي رَب مُضْغَة، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَقْضِي خَلْقاً قَالَ الْمَلَكُ: أَي رب ذكر أَو أُنثى؟ شقي أَو سعيد، فما الرزق، فما الأَجل؟ فيكتب ذلك فب بطن أُمِّه) ".
ص92.
ففي هذا الحديث مزيد بيان بتفصيل أطوار الجنين الخلقية المشاهدة، وأحواله القدرية المغيبة التي لا يعلمها إلا الله، عز وجل، على حد الإبرام، والملائكة الموكلون بالأرحام على حد التعليق كما قد أثبت في صحفهم.
وقوله: "فيكتب ذلك في بطن أمه": مطلق جاء تقييده في السياقين المتقدمين فقيدت الكتابة بما بين العينين في حديث أبي ذر، رضي الله عنه، وقيدت بصحف الملائكة في حديث حذيفية بن أسيد رضي الله عنه.
فذلك جار على حد ما تقدم من جمع أدلة الباب، إذ بجمعها تكتمل صورة الاستدلال فما ورد مجملا في موضع قد بين في آخر، وما ورد عاما في موضع قد خص في آخر، وما ورد مطلقا في موضع قد قيد في آخر، والبيان قد يكون من وجه دون وجه، فيكون المبين جزئيا لا كليا فيطلب تمامه في موضع آخر، كما في أحاديث زكاة الزروع، فقد وردت فيها جملة أحاديث في: أجناسها، وأنصبتها، ومقدارها، فكل في نفسه: مبين، وفي غيره: مجمل، فما ورد في الأجناس قد بينها على حد التمام، ولكنه مجمل في النصاب والمقدار، وما ورد في الأنصبة قد بينها على حد التمام ولكنه مجمل في الجنس والمقدار، وما ورد في المقدار قد بينه على حد التمام ولكنه مجمل في الجنس والنصاب، فلزم جمع الكل ليكون البيان على حد التمام الرافع لكل أوجه الإجمال.
وقد يرد البيان بأكثر من نص على حد يقع فيه التغاير، فيجمع بين النصوص، إن أمكن الجمع، كما في هذا الحديث الذي أطلقت فيه الكتابة عن القيد، ثم ورد عليها القيد بموضعين، فيجمع بينهما بالتكرار، إذ لا تعارض بينهما، فالجمع: إعمال لكليهما، والإعمال أولى من الإهمال كما قرر ذلك أهل الأصول، فلا يصار إلى الترجيح الذي يلزم منه إهمال أحد المتراجحين إلا إذا تعذر الجمع بينهما.
يقول ابن القيم رحمه الله:
"وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً ثُم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم ينفخ فيه الروح، ويبعث إِليه الملك فيؤمر بأَربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أَو سعيد) ".
ص92.
فقوله: "يجمع خلقه": مجمل قد ورد بيانه في نص آخر عن ابن مسعود، رضي الله عنه، أيضا، فروي عنه أنه قال: "إنَّ النطفةَ إذا وقعت في الرحمِ، طارت في كلِّ شعرٍ وظُفر، فتمكثُ أربعين يوماً، ثم تنحدِرُ في الرَّحم، فتكونُ علقةً. قال: فذلك جمعُها "
واعترض ابن حجر، رحمه الله، على نسبة قوله: "فذلك جمعها" إلى ابن مسعود، رضي الله عنه، فجعله من كلام الخطابي، رحمه الله، شارح "سنن أبي داود" في "معالم السنن"، أو من الإدراج في المتن، إذ هو من كلام بعض رواة الحديث، ورجح أنه الأعمش رحمه الله، على ما اطرد من طريقة الرواة المتقدمين، لا سيما الزهري رحمه الله الذي كان من المكثرين من الإدراج في متون مروياته، على ما اطرد من طريقتهم في إدراج بعض كلامهم في مروياتهم، لا سيما في آخرها فهو المطرد من فعلهم فيكون الإدراج بعد تمام السياق، بيانا لمجمل أو لفظ مستغرب.
قال الحافظ رحمه الله:
¥