تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن أجاز الاشتقاق في باب الأسماء: جعل القابض الباسط اسمين متقابلين له، جل وعلا، ومن منع، وهو الراجح لتوقيفية الباب، جعلهما من الأوصاف المتقابلة وقوفا على النص الذي جاء بإثبات الوصف دون الاسم، إذ ليس لكل وصف ورد النص به اسم يكافئه ورد النص به أيضا، فباب الصفات أوسع من باب الأسماء كما قرر أهل العلم في هذا الباب الجليل. فكل اسم يتضمن وصفا ولا عكس، إذ دلالة الاسم على الوصف الذي اشتق منه: دلالة تضمن، فهو دال على الوصف، باعتبار معناه، دال على المسمى به، عز وجل، باعتباره علما، فأسماؤه، عز وجل، أعلام على ذاته القدسية وأوصاف كاشفة عن كمالاته الأزلية الأبدية.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 11 - 2009, 04:53 م]ـ

يقول ابن القيم رحمه الله: "وذكر الطبري من حديث مالك بن عبد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود: "لا تكثر هَمُّكَ، ما يُقَدَّرْ يَكُنْ، وَمَا تُرْزَق".

ص99.

فلا يكثر الهم إلا لضعف الإيمان بالقدر، فتحتمل النفس ما لا يحتمل من هم مستقبل آت، قد لا يبلغه المكلف، ولو كان على حد الكيس ما لحقه الذم، فلو كان الهم: هم دين أو دنيا نافعة على حد تحصيل الأسباب تعبدا، فحقق المهموم بعظائم الأمور، عبادة التوكل، ما لحقه ذم، بل هو أهل للمدح والثواب، إذ قد شغل نفسه بما يجدي، فلم يكن همه: هم الخائف الجزع، بل هم الذي يعد للأمر عدته، فشغل نفسه بواجب وقته امتثالا، وبواجب غده: استعدادا، لا حزنا وغما، فإن التوكل بمباشرة السبب اعتمادا على مسبِّبه، عز وجل، لا ركونا إليه، واطمئنانا به، ذلك التوكل لا يوجب هما أو حزنا، بل يولد فرحا وطمأنينة، إذ يباشر العبد السبب على حد: لا حول ولا قوة إلا بالله، فليس له حول أو طول يُدِّلُ به على ربه، عز وجل، كما يقع من المغرورين بأعمالهم، ولو كانت على حد الديانة، فأولئك أهل العمل بلا استعانة، فلهم من مقام: "إياك نعبد" نصيب، وليس لهم من مقام: "إيك نستعين" نصيب، فقد وكلوا إلى أنفسهم، وذلك عين الهلاك، فمن سلم من ذلك: سلم من الهم والحزن، فلا يحزن على فائت، ولا يهتم بآت، فليس له، كما تقدم، إلا واجب وقته، فتلك عبادته الحالية، فعلام الاشتغال بالتالي العدمي عن الحالي الوجودي؟!.

فلا يكثر همك، فـ: "ما يقدر يكن": فذلك على حد التذييل بالعلة أو السبب، فحسن الفصل، لما اطرد مرارا من شبه كمال الاتصال، فكأن المخاطَب قد تولد في ذهنه سؤال ضروري عن علة ذلك النهي الذي جمع دلالتي: التكليف على ما اطرد من الأمر والنهي الشرعي، والإرشاد، إذ معنى الرحمة بالمخاطب فيه ظاهر، ومن أرحم من النبي الأمين صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأمته؟!، فهو الآخذ بحجزها، على حد: "إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنْ النَّارِ وَهُمْ يَقْتَحِمُونَ فِيهَا وهو الوالد على حد: "إنما أنا لكم كالوالد لولده أعلمكم". فجاء الجواب مفصولا، للتلازم الوثيق بينه وبين المعلول الذي أثار السؤال.

والعموم في: "ما يقدر": عموم محفوظ لا مخصص له، ويرد على ذلك فوات قدر الله، عز وجل، الشرعي، في موضع بل مواضع!، فإن المعصية بل الكفران غالب على كثير من المكلفين، فيكون القدر مخصوصا بدلالة السياق بـ: القدر الكوني النافذ، فما يقدر الله، عز وجل، كونا يكن على حد الجزم، لزوم المشروط لشرطه، فهو دائر معه وجودا وعدما، فالكينونة: نافذة، فلا مبدل لكلمات الرب الكونية النافذة، تلك الكينونة نافذة فرعا عن نفاذ القدر السابق فهو بمنزلة التخطيط لمشروع آت، ولله المثل الأعلى، إذ يقدر الأمر على حد التفصيل الدقيق بعلمه التقديري أزلا، فلا يكون تخطيط للعبد إلا عن علم سابق، فللرب، جل وعلا، المثل الأعلى في تقديره، فلا يكون تقدير إلا عن علم رباني تقديري لكل دقائق المخلوقات، فقد أحصى، عز وجل، كل شيء عددا، وفي عالم الشهادة يكون إتقان المشروع فرعا عن العلم بتفاصيله،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير