تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

القلم الأول: قلم التكوين العام، والقلم الثاني: القلم الخاص ببني آدم من أعمال وأرزاق ........ إلخ، والقلم الثالث: قلم التقدير العمري لكل جنين فيكتب به بعد نفخ الروح: رزق ذلك الجنين بعينه وأجله وعمله ومآله، والقلم الرابع: قلم الملائكة الذي يوضع على العبد عند بلوغه.

وما ذكر من القسمة الثنائية إلى:

قلم كوني: يعم الأنواع السابقة، وقلم شرعي: تسطر به الأحكام النازلة على قلوب الرسل، عليهم السلام، لسياسة الأبدان بما يحفظ الأديان.

فهاتان قسمتان، وإليهما أضاف ابن القيم، رحمه الله، قسمة ثالثة توسع فيها في بيان أنواع الأقلام على نحو بديع لم يسبق إليه، فقال في "التبيان في أقسام القرآن":

"والأقلام متفاوتة في الرتب فأعلاها وأجلها قدرا:

قلم القدر السابق الذي كتب الله به مقادير الخلائق: كما في سنن أبي داود عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول ما خلق الله القلم فقال: له اكتب قال: يا رب وما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة".

واختلف العلماء هل القلم أول المخلوقات أو العرش على قولين ذكرهما الحافظ أبي يعلى الهمداني أصحهما: أن العرش قبل القلم لما ثبت في الصحيح من حديث عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام وعرشه على الماء" فهذا صريح أن التقدير وقع بعد خلق العرش والتقدير وقع عند أول خلق القلم لحديث عبادة هذا.

ولا يخلو قوله: "إن أول ما خلق الله القلم" إلى آخره إما أن يكون جملة أو جملتين فإن كان جملة وهو الصحيح كان معناه أنه عند أول خلقه قال له اكتب كما في لفظ أولَ ما خلق الله القلمَ قال: له اكتب بنصب أول والقلم فإن كانا جملتين وهو مروي برفع أول والقلم فيتعين حمله على أنه أول المخلوقات من هذا العالم ليتفق الحديثان إذ حديث عبد الله بن عمر صريح في أن العرش سابق على التقدير والتقدير مقارن لخلق القلم وفي اللفظ الآخر لما خلق الله القلم قال له اكتب.

(وهذا قول جمهور أهل العلم إذ ترتيب المخلوقات المشهودة عندهم: العرش فالقلم فالسماوات والأرض، وما قبل العرش لا يعلمه إلا الله، عز وجل، إذ التسلسل في المفعولات أزلا جائز لديمومة اتصاف الرب، جل وعلا، بالفعل، فيجوز نقلا وعقلا أن يكون قبل العرش مخلوقات لا نعلمها إذ توقف علمنا عند ما أخبرنا الله، عز وجل، به من أولية خلق العرش).

فهذا القلم أول الأقلام وأفضلها وأجلها وقد قال غير واحد من أهل التفسير أنه القلم الذي أقسم الله به.

(كما في قوله تعالى: "ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ"، وهو اختيار الطبري، رحمه الله، وإليه أشار بقوله: "وأما القلم فهو القلم المعروف، غير أن الذي أقسم به ربنا من الأقلام: القلم الذي خلقه الله تعالى ذكره، فأمره فجرى بكتابة جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة"، والبغوي، رحمه الله، وجعل ابن كثير، رحمه الله، في قول: "أل" في "القلم": جنسية تعم سائر الأقلام تنبيها على شرف الكتابة وما يحفظ بها من أجناس العلوم، وأشار إلى قول الأولين بأنه القلم الذي كتب به الذكر.

قال رحمه الله: "وقوله: {والقلم} الظاهر أنه جنس القلم الذي يكتب به كقوله: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 3 - 5]. فهو قسم منه تعالى، وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم؛ ولهذا قال: {وَمَا يَسْطُرُونَ} قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: يعني: وما يكتبون .................. وقال آخرون: بل المراد ها هنا بالقلم الذي أجراه الله بالقدر حين كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرضين بخمسين ألف سنة. وأوردوا في ذلك الأحاديث الواردة في ذكر القلم". اهـ بتصرف.

فهي على قول الأولين: عهدية ذهنية تشير إلى قلم معهود بعينه هو القلم الأول الذي سطرت به المقادير الكونية على حد النفاذ والإبرام فلا يتبدل مكتوبه ولا يتغير، فهو من المحكم الذي لا يقبل نسخا أو تخصيصا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير