تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"كثير من المنكرين لبدع العبادات والعادات تجدهم مقصرين في فعل السنن من ذلك، أو الأمر به. ولعل حال كثير منهم يكون أسوأ من حال من يأتي بتلك العبادات المشتملة على نوع من الكراهة. بل الدين هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا قوام لأحدهما إلا بصاحبه، فلا ينهى عن منكر إلا ويؤمر بمعروف يغني عنه كما يؤمر بعبادة الله سبحانه، وينهى عن عبادة ما سواه، إذ رأس الأمر شهادة أن لا إله إلا الله، والنفوس خلقت لتعمل، لا لتترك، وإنما الترك مقصود لغيره، فإن لم يشتغل بعمل صالح، وإلا لم يترك العلم السيئ، أو الناقص، لكن لما كان من الأعمال السيئة ما يفسد عليها العمل الصالح، نهيت عنه حفظًا للعمل الصالح". اهـ

ويقول في معرض بيان ما يتولد عن تلك الحركات النفسانية بإرادة الفعل والترك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

"وكل بشر على وجه الأرض فلا بد له من أمر ونهي ولا بد أن يأمر وينهى حتى لو أنه وحده لكان يأمر نفسه وينهاها إما بمعروف وإما بمنكر كما قال الله تعالى: (إن النفس لأمارة بالسوء). فإن الأمر هو طلب الفعل وإرادته والنهي طلب الترك وإرادته ولا بد لكل حي من إرادة وطلب في نفسه يقتضي بهما فعل نفسه ويقتضي بهما فعل غيره إذا أمكن ذلك فإن الإنسان حي يتحرك بإرادته وبنو آدم لا يعيشون إلا باجتماع بعضهم مع بعض وإذا اجتمع اثنان فصاعدا فلا بد أن يكون بينهما ائتمار بأمر وتناه عن أمر ولهذا كان أقل الجماعة في الصلاة اثنين كما قيل: "الاثنان فما فوقهما جماعة(وهو حديث متكلم في إسناده أورده البخاري رحمه الله في تراجمه معلقا)، لكن لما كان ذلك اشتراكا في مجرد الصلاة حصل باثنين أحدهما إمام والآخر مأموم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمالك ابن الحويرث وصاحبه رضي الله عنهما: "إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما" وكانا متقاربين في القراءة. وأما في الأمور العادية ففي السنن أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لثلاثة يكونون في سفر إلا أمروا عليهم أحدهم"، وإذا كان الأمر والنهي من لوازم وجود بني آدم فمن لم يأمر بالمعروف الذي أمر الله به ورسوله وينه عن المنكر الذي نهى الله عنه ورسوله ويؤمر بالمعروف الذي أمر الله به ورسوله وينه عن المنكر الذي نهى الله عنه ورسوله وإلا فلا بد من أن يأمر وينهى ويؤمر وينهى إما بما يضاد ذلك وإما بما يشترك فيه الحق الذي أنزله الله بالباطل الذي لم ينزله الله وإذا اتخذ ذلك دينا كان دينا مبتدعا ضالا باطلا. وهذا كما أن كل بشر فإنه حي متحرك بإرادته همام حارث فمن لم تكن نيته صالحة وعمله عملا صالحا لوجه الله وإلا كان عملا فاسدا أو لغير وجه الله وهو الباطل كما قال تعالى: (إن سعيكم لشتى) ". اهـ

بتصرف من: "الاستقامة"، ص501_503.

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الترجمة العملية لما يقوم بالقلب من إرادات الحب والبغض، فيكون الولاء للمحبوب والبراء من المبغوض،

وتفسير الضعف بالصور التي ذكرها ابن القيم، رحمه الله، جار مجرى تفسير العام بذكر بعض أفراده تمثيلا لا حصرا وتحديدا، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في مواضع سابقة، فكل قد ذكر فردا من أفراد العام يتحقق فيه معناه الكلي ويزيد عليه معنى اختص به في نفسه فلا يشركه فيه غيره من بقية الأفراد، على ما قرر المحققون من أهل العلم في بيان القدر المشترك بين المدركات العقلية أو الحسية فلا ينفك أفراد النوع الواحد عن معنى كلي جامع يتحقق في جميعهم، فهو بمنزلة الوصف المؤثر في تعليل الحكم الجامع لهم، فوصف الضعف كلي يجمع الصور المذكورة فالإنسان: ضعيف الجسد، ضعيف العزم، قليل الصبر عن النساء فذلك من صور الضعف المعنوي والحسي لما ركز في طبائع الذكور من ميل فطري إلى الإناث ...... إلخ.

فإذا كان هذا حاله، فهو هالك إلا أن يتغمده الرب، جل وعلا، برحماته الحافظات لدينه وبدنه، وبكلأه بعنايته من الآفات التي تصيب قلبه وقالبه، فذلك من المواضع التي تظهر فيها دلالة العناية الكونية العامة والشرعية الخاصة بالنوع الإنساني، وبها يحمد الرب، جل وعلا، بوصف كماله الذي ظهر بعارض النقص الجبلي في سائر خلقه فهم مفتقرون إليه أبدا وهو غني عنهم أبدا.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 02 - 2010, 08:03 ص]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير