تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولو بعد حين، تبتلى فيه النفوس فـ: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)، فالعاقبة للحق فـ: (قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)، فمجيء الحق مظنة زهوق الباطل فلا يظهر الباطل إلا في غياب الحق واعتبر بالأعصار والأمصار التي تندرس فيها آثار النبوات أو تخفى كيف تظهر فيها البدع العلمية والعملية، ولذلك حسن في كل زمان التنبيه على صور المخالفة الظاهرة فيه، فليس زماننا كزمان أحمد، رحمه الله، ليفتش عن المحنة فتحيى آثارها وتدار المعارك حولها وقد أطفأ الله، عز وجل، جذوتها، بما صبه عليها من غيث الحق على لسان أحمد، رحمه الله، فذكرها إنما يكون من باب الدرس العلمي الخاص لا الطرح العام الذي يشغل الأمة عن الخطر الحاضر، فالسعي إلى إعادة سلطان الشرع على الأفراد والجماعات بالسبل المشروعة، والتصدي للبدع العلمية التي ظهرت في الآونة الأخيرة كبدع الغلو من أهل الطريق وأثرهم السلبي في بلاد المسلمين ظاهر، وممن يظهر الانتساب إلى آل البيت، رضي الله عنهم، والتصدي لغارة أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين تحالفوا مع عظم عداوتهم لضرب العدو المشترك في الصميم فغارتهم فكرية على ثوابت الملة عسكرية على أمصار المسلمين اقتصادية على مقدرات الأمة سياسية على توجهاتها، كل أولئك أولى بالإشادة والتنويه، فهي معارك مشتعلة بالفعل، فالتشاغل عنها بمعارك قد ولى زمانها فلم يبق من آثارها إلا رماد تشاغل بالمفضول عن الفاضل، وذلك مئنة من اضطراب التصور في تقدير المصالح والمفاسد المعتبرة، ولكل مقام مقال فليس مقام التعلم في الحلقات والمعاهد كمقام التكلم في الشأن العام الذي لا ينتفع به المسلمون إلا إن كان يمس واقعهم المعاصر.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 02 - 2010, 09:23 ص]ـ

يقول ابن القيم رحمه الله:

"وهو موجب حكمته وعزته، فكل ما يحدث من هذه الخلقة ويلزم عنها فهو بالنسبة إلى الخالق عز وجل خير وعدل وحكمة، إِذ مصدر هذه الخلقة عن صفات كماله من غناه وعلمه وعزته وحكمته ورحمته". اهـ

ص131، 132.

فالحكمة مئنة من وصف الجمال، والعزة مئنة من وصف الجلال، والكون، كما تقدم مرارا، قد صدر عن آثار أوصافه الفاعلة في كونه إيجادا وإعداما، فيوجد ما شاء كيف شاء، فيفني ذوات ويخرج منها ذوات، فتتابع الإيجاد والإعدام على الأعيان على نحو ينتظم به أمر النوع الواحد فتوالده يلائم حاله قوة وضعفا، ذلك التتابع لا يكون إلا عن قدرة بالغة يقضي بها الرب، جل وعلا، ما شاء من المقدورات الغيبية في عالم الشهادة، وتنوع الأحوال بالمعافاة والابتلاء، والإعطاء والمنع مئنة من حكمته، عز وجل، في تدبير أمر كونه، فالحكمة أصل التدبير كما أن العزة أصل الخلق والتقدير، ولذلك خصهما ابن القيم، رحمه الله، بالذكر، وجاء التذييل بهما في آي من محكم التنزيل من قبيل: (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، فالتصوير في الأرحام على هيئات وصور متباينة مئنة من وصف الجلال فمرد ذلك إلى القدرة النافذة على أصل الخلق والتنويع في صوره وهيئاته، فذلك من عزته، عز وجل، والعناية بالنطف في الأرحام بإمدادها بأسباب النمو والبقاء حتى تنقلب أعيانها علائق ...... إلخ من صور الخلق وفق سنن كوني محكم مئنة من حكمته البالغة، فذيلت الآية بما يدل عليه الخلق والتصوير لزوما فدلالة فعل الخلق والتصوير وهما من دلالات تضمن اسمي: الخالق والمصور، دلالتهما على صفات العزة والحكمة دلالة لزوم كما قرر أهل العلم الذين بحثوا دلالات أسماء الرب جل وعلا المعنوية، فلا يكون خلق وتصوير إلا فرعا عن قدرة على أصل الفعل وحكمة في إيقاعه على الوجه الذي ينتظم به أمر الكون. فضلا عما دلت عليه قرينة سبب النزول، وهي من جملة القرائن الحالية، في معرض جدال نصارى نجران الذين ادعوا ألوهية المسيح عليه السلام، عما دلت عليه من بطلان ذلك بداهة إذ هو كسائر المخلوقات أثر من آثار كلمات الرب، جل وعلا، التكوينية، وإن تفاضلت الكلمات، على الراجح من أقوال العلم، فالكلمات تتفاضل من جهة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير