تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

واقترانه باسم العزيز: مئنة من كمال وصفه، عز وجل، فالحكمة من وصف جماله، والعزة من وصف جلاله، والجمال والجلال فرعا الكمال.

يقول ابن القيم رحمه الله:

"فإن العزة تتضمن القوة، ولله القوة جميعاً، يقال: عز يعز - بفتح العين - إذا اشتد وقوي، ومنه الأرض العزاز: الصلبة الشديدة، وعز يعز بكسر العين إذا امتنع ممن يرومه وعز يعز بضم العين إذا غلب وقهر، فأعطوا أقوى الحركات وهي الضمة - لأقوى المعاني وهو الغلبة والقهر للغير وأضعفها وهي الفتحة لأَضعف هذه المعاني وهو كون الشيء فى نفسه صلباً، ولا يلزم من ذلك أَن يمتنع عمن يرومه والحركة المتوسطة وهي الكسرة للمعنى المتوسط وهو القوي الممتنع عن غيره، ولا يلزم منه أن يقهر غيره ويغلبه، فأعطوا الأقوى للأقوى والأضعف للأضعف والمتوسط للمتوسط". اهـ

ص132.

وذلك من حسن تصرف العرب في ألفاظهم بالإعراب والشكل فهو مما اختصت به لغة العرب، وإن وجد طرف من ذلك في اللغة اللاتينية وبعض اللغات التي تولدت منها إلا أنه لا يرتقي إلى إعراب وشكل العربية فالحركة تؤثر في بنية الكلمة الصرفية ودلالتها المعنوية على نحو يلائم جرس اللفظ وقوته، فالحروف شدة أو لينا، جهرا أو همسا، تؤدي من الدلالة المعنوية ما يعضد البيان بالإشارة إلى الفروق الدقيقة بين معاني الألفاظ لا سيما على قول من ينكر الترادف في لغة العرب مطلقا، فلا بد أن تستقل كل مادة لفظية بمعنى يلائم بنيتها الحرفية وما يرد عليها من الشكل ضما أو كسرا أو فتحا أو تسكينا، فالجزم، على سبيل المثال، مئنة من القطع فالجازم يقطع أواجر الكلمات عن الحركة، وضد الحركة السكون فناسب ذلك أن يكون السكون هو علامة الجزم، والحرف الشديد يفيد من قوة المعنى ما لا يفيده الحرف اللين، وإن اشترك اللفظان في المعنى الكلي المشترك، كالصاد في: "صب" فإنها تفيد من قوة الإراقة ما لا تفيده السين في: "سكب"، فالصاد شديدة فتدل على شدة فعل الصب، والسين لينة فتدل على لين فعل السكب، فضلا عن التشديد في باء: "صب" فهو مئنة من الزيادة في المعنى فرعا عن الزيادة في المبنى إذ الحرف المشدد: حرف مضعف، فيقوم مقام حرفين مدغمين أولهما ساكن، بينما باء: "سكب" غير مشددة فليس فيها من القوة ما في باء: "صب"، وكل ذلك مئنة من تأثير جرس الحرف في أذن السامع في أداء المعنى قوة أو ضعفا.

وقل مثل ذلك في الفعل المضعف فإنه يفيد من معنى المبالغة في ذات الفعل أو عدد مرات وقوعه ما لا يفيده الفعل غير المضعف، كما قرر الصرفيون في مبحث معاني حروف الزيادة، فـ: "فعَّل" بتشديد العين أبلغ في أداء المعنى كما وكيفا من: "فعل"، فـ: "نزل": مئنة من النزول مرة واحدة، بخلاف: "نزَّل" فهي مئنة من تكرار الفعل، و: "فطَّع" مئنة من شدة القطع، بخلاف: "قطَع" بتخفيف الطاء.

وعلماء اللغة يذكرون في مستويات بحوثهم:

علم الأصوات العام: Phonetics : وهو يعنى بدراسة أصوات اللغة وصفاتها ومخارجها ودراسة جهاز النطق، ولعلماء التجويد المسلمين الريادة في ذلك بل للمتقدمين من نحاة العربية كإمام النحاة: سيبويه، رحمه الله، مشاركة في هذا الشأن مع أن ذلك ليس من مهمات علم النحو الرئيسة، فبوب في كتابه:

باب الإدغام:

هذا باب عدد الحروف العربية، ومخارجها، ومهموسها ومجهورها، وأحوال مجهورها ومهموسها، واختلافها. اهـ

فذكر حروف العربية ثم أتبع ذلك بذكر مخارجها التي يذكرها أهل الأداء في مصنفاتهم ......... إلخ من المباحث الصوتية.

ودراسة العرب لذلك الفرع من علوم اللغة قد اكتسب بعدا دينيا بعد ورود التنزيل وتوفر الهمم لحفظ حروفه كتابة وتلاوة، فاهتم القراء بتحرير مخارج الحروف وخصائصها وطرق أدائها المروية بالإسناد المتواتر إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير