تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مقالات أملتها عقول ناقصة الإدراك ألقاها إليها وسواس الهوى أو وجدان الذوق الذي يستحسن ويستقبح بمعزل عن النبوات، فما اعتبره قدمه وإن أهمله الشرع، وما أهمله أخره وإن اعتبره الشرع، فالشرع عنده تابع منقاد لهواه وذوقه لا قائد يسترشد بهديه، فنظر أهل الزيغ إنما يكون في المتشابهات فينظر من حكم بالهوى ابتداء ثم راح يتلمس له لفظا محتملا في متشابه النصوص ليتعسف في حمله على المعنى الذي يروق له، فليس نظره نظر المستبصر الذي يحمل متشابه التنزيل على محكمه. بل قد يكون النص في نفسه محكما ومع ذلك يحمله صاحب الشبهة على وجه استدلال باطل، فكيف إذا كان النص ابتداء متشابها حقيقيا أو إضافيا؟!.

وعلى ما اطرد من طريقة المحققين في باب الصفات الإلهية من كون النفي مرادا لغيره، فبه يتوصل إلى إثبات كمال ضده على الوجه اللائق بجلاله تبارك وتعالى، وكون الإثبات مستلزما لنفي ضده من النقص فلا يتطرق النقص إلى وصفه، جل وعلا، بأي حال من الأحوال.

على ما اطرد من ذلك يقول ابن القيم رحمه الله:

"فمنزه عن الموت المضاد للحياة، وعن السنة والنوم والسهو والغفلة المضاد للقيومية، وموصوف بالعلم منزه عن أضداده كلها من النسيان والذهول وعزوب شيء عن علمه، موصوف بالقدرة التامة منزه عن ضدها من العجز واللغوب والإعياء، موصوف بالعدل منزه عن الظلم، موصوف بالحكمة منزه عن العبث، موصوف بالسمع والبصر منزه عن أضدادهما من الصمم والبكم، موصوف بالعلو والفوقية منزه عن أضداد ذلك، موصوف بالغنى التام منزه عما يضاده بوجه من الوجوه، ومستحق للحمد كله فيستحيل أن يكون غير محمود كما يستحيل أن يكون غير قادر ولا خالق ولا حي، وله الحمد كله واجب لذاته فلا يكون إلا محمودا كما لا يكون إلا إلها وربا وقادرا". اهـ

ص138، 139.

فيلزم من وصف كماله أن يكون محمودا لذاته، لا لغيره، كما هو حال غيره، فلا يحمدون إلا بأثر فعلهم المتعدي في غيرهم، بخلاف الرب، جل وعلا، فإنه يحمد على جهة الوجوب الذاتي العقلي الذي يستحيل تخلفه فيحمد من الوجهين: من وجه كونه موصوفا بالكمال الذاتي اللازم، وكمال الفعل المتعدي إلى غيره، فلا تتعلق بمشيئته العامة النافذة إلا أفعال الكمال الصادرة عن وصف قدرته فلا يعجزه شيء، وعلمه وحكمته، فلا يفوته شيء، بخلاف ما تقدم من فعل البشر فإنه إما أن يفتقر إلى القدرة كحال كثير من الحكماء الذين لا قدرة لهم على إيقاع تصوراتهم، مع كونها تصورات ناقصة مهما بلغت حكمتهم، فهي بقدر علمهم الحادث المحدود، وكثير من أصحاب القدرة بلا حكمة، فيقع من الطيش والنزق في أفعالهم ما يقع مع كون قدراتهم محدودة فقواهم مهما بلغت محدودة فلا يقدرون على كل شيء، وإن ادعوا ذلك، فلسان حالهم شاهد بكذبهم، فإنه لا يقدرون حتى عن دفع ميكروب دقيق يتسلط على أبدانهم فيفنيها بإذن الرب، جل وعلا، فكيف بالقدرة على ما لا يقدر عليه إلا الله، جل وعلا، من خلق السماوات والأرض، وإيجاد الكائنات وإعدامها ....... إلخ.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 03 - 2010, 08:39 ص]ـ

يقول ابن القيم رحمه الله:

"فإذا قيل: "الحمد كله لله" فهذا له معنيان:

أحدهما: أَنه محمود على كل شيء وبكل ما يحمد به المحمود التام وإن كان بعض خلقه يحمد أيضاً كما يحمد رسله وأنبياؤه وأَتباعهم - فذلك من حمده تبارك وتعالى بل هو المحمود بالقصد الأَول وبالذت وما نالوه من الحمد فإنما نالوه بحمده فهو المحمود أَولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، وهذا كما أَنه بكل شيء عليم، وقد علم غيره من علمه ما لم يكن يعلمه بدون تعليمه، وفى الدعاء المأْثور: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُهُ، ولَكَ الْمُلْكُ كُلُّهُ، وَبِيَدِكِ الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْكَ يَرْجِعُ الأَمْرُ كُلُّهُ، أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كله وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ"، وهو سبحانه له الملك وقد آتى من الملك بعض خلقه، وله الحمد وقد آتى غيره من الحمد ما شاءَ. وكما أن ملك المخلوق داخل في ملكه، فحمده أَيضاً داخل فى حمده، فما من محمود يحمد على شيء مما دق أَو جل إِلا والله المحمود عليه بالذات والأَولوية أَيضاً، وإِذا قال الحامد: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْد"، فالمراد به أَنت المستحق لكل حمد،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير