تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والتوسط في ذلك طريقة فقهاء الحديث وهى إثبات النصوص والآثار الصحابية على جمهور الحوادث وما خرج عن ذلك كان في معنى الأصل فيستعملون قياس العلة والقياس في معنى الأصل وفحوى الخطاب إذ ذلك من جملة دلالات اللفظ وأيضا فالرأي كثيرا ما يكون في تحقيق المناط الذي لا خلاف بين الناس في استعمال الرأي والقياس فيه فإن الله أمر بالعدل في الحكم والعدل قد يعرف بالرأي وقد يعرف بالنص.

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر)، إذ الحاكم مقصوده الحكم بالعدل بحسب الإمكان فحيث تعذر العدل الحقيقي للتعذر أو التعسر في علمه أو عمله كان الواجب ما كان به أشبه وأمثل وهو العدل المقدور.

وهذا باب واسع في الحكم في الدماء والأموال وغير ذلك من أنواع القضاء وفيها يجتهد القضاة". اهـ بتصرف يسير.

والشاهد أن القرآن ليس كمدونات القانون الوضعي التي ترد فيعا المواد مرقمة: مادة مادة، وإنما هو كليات جامعة لجزئيات متفرقة متكاثرة.

والإشكالية عند أصحاب ذلك التيار العلماني: أنهم نقلوا التجربة الأوروبية بحذافيرها، دون نظر إلى القدر الفارق بين المجتمعات الشرقية عموما، والإسلامية خصوصا، والمجتمعات الأوروبية، فالمجتمع المسلم إجمالا: مجتمع يعظم من شأن النبوات، فللإلهيات في قلوب أفراده منزلة الرياسة

ومنهج الإسلام في أمور النكاح على وجه الخصوص: منهج علمي عملي، يعالج شئون الحياة الزوجية من عشرة ومعاملة وأحكام نفقة ............. إلخ، بأرقى عبارة، عبارة ابن عباس رضي الله عنهما: "إن الله حيى كريم يكني عما شاء"، وأوفى بيان، فليس فيه: ورع الرهبنة البارد الذي يحرم ما أحله الله، عز وجل، من الطيبات، وليس فيها نقيضه من الخلاعة والبذاءة التي قررتها العلمانية الحديثة تحت شعار الثورة المطاط: "الحرية" التي صارت معول الهدم لما تبقى من أخلاق المجتمع الزراعي الريفي الأوروبي الذي كان كغيره من المجتمعات المتماسكة، يحتفظ بمنظومة أخلاق تحفظ كيانه، فكان التدين، ولو بدين الكنيسة الفاسد، حجر عثرة أمام منظري الثورة، والأخلاق جزء لا يتجزأ من الدين، فلما فقدت الأمة النصرانية الثقة في الكنيسة التي استخفت بعقول أتباعها لحد بيع صكوك الغفران، وتقرير حقائق علمية تجريبية أثبت العلم الحديث بطلانها، فضلا عن فساد المقالة الأولى، أو استحالتها، إن صح التعبير، إلا على حد التقليد الأعمى والاستسلام الكامل إذ ذلك من أسرار الديانة التي صيرها رجال الكنيسة سحرا وكهانة تتوارث أسرارها الأجيال كما يتوارث السحرة علومهم الدقيقة دون بقية الناس ......... إلخ من أوجه الفساد، لما فقدت الثقة في هذه الكنيسة كانت الثورة عامة فمن مطلق الغلو في الكنيسة ورجالاتها، إلى مطلق الجفاء بنبذ كل تعاليمها، وإن كان فيها حق يتبع، فالحكمة ضالة العاقل، ولكن رياح الثورة كانت عاتية كرد فعل لضغط الكنيسة الرهيب، فذهبت بكل عقل، ولم تُبْقِ إلا على عاطفة الجماهير الثائرة على الدين المحرف، فانتقل أتباعها من الإيمان المطلق ولو بالمحالات إلى الكفران المطلق، ولو بجنس النبوات، وذلك جار على ما تقدم من الفروق الجوهرية بين أمم الشرق المسلم التي عرفت جنس النبوة الصحيحة، فعندها من العلم الإلهي الصحيح ما حفظ للأنبياء مقامهم، بخلاف أهل الكتاب الأول الذين أحدثوا في دينهم ما عاد على أصله بالإبطال، وذلك ما كانت أوروبا عاملا فاعلا فيه، فكان قسطنطين أول من اعتنق النصرانية على حد التقريب بين ديانته الوثنية وديانة المسيح عليه السلام التوحيدية، فانتحل مسخا مشوها جمع فيه مقالة أهل الإيمان إلى مقالة عباد الأوثان من الرومان، فلما كان الأصل الأول فاسدا، ولما كان الدين مفروضا بالسيف قاهرا، فطورد أتباع المقالة الأولى، بل وأصحاب المقالات الحادثة من بقية طوائف النصارى، على طريقة: توحيد الصف خلف مقالة واحدة أو إمبراطور واحد، إن أردنا الدقة، فهي بدعة سياسية اكتست بلحاء الطريقة الدينية، لما كان كل ذلك، صارت أوروبا إلى فساد عريض، إذ فساد العلم أصل فساد العمل، وتاريخ الإقطاع وتاريخ الحروب الصليبية خير شاهد على ذلك، إذ كانت تلك الحروب وما صاحبها من إفساد في كل أرض حلت فيها،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير