إخوانهم عن نجدتهم لعجزهم أو تقصيرهم في نصرتهم، والرب، جل وعلا، رحيم، لا يكلف الأنفس إلا وسعها فعسى أن يغفر لنا إذ اتسع المصاب وضاقت الأسباب.
ومما يلفت النظر في محنة هذا الأخ الكريم:
أن الابتلاء، وإن طال، أمر عارض، فالمبتلى لا ينفك عن رجاء انتظار الفرج، ولو طال غيابه، فـ:
عسى الكرب الذى أمسيت فيه ******* يكون وراءه فرج قريب
وكم من الإخوان ظاهرهم السعادة والاستقرار وقد حملوا من الهموم ما تنوء بحمله الجبال، فمن عوفي في نفسه وأهله فليحمد الله وليؤد شكر النعمة ومن ابتلي بفقد الأحبة فليصبر فإن وراء الصبر فرجا قريبا، و: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
فمن ثبت نبت في أمر الدين والدنيا، في حال السعة أو الشدة، فكل لا ينفك عن حاجة ماسة إلى التثبيت الكوني، فإن لم يتداركه الله، عز وجل، بفضله، زاغ وانفسخت همته وانحلت عزائمه، ولا يستجلب ذلك إلا بالتزام الأمر الشرعي، فإن لكل حال عبادة، فللسعة عبادة الشكر التي تستبقى بها النعمة وتستدفع بها النقمة، وللشدة عبادة الصبر التي تستدفع بها النقمة وتستجلب بها النعمة، فتنوع الأوامر الشرعية في حق المكلفين فرع عن تنوع الأمر الكوني النافذ فيهم، فمنهم من نفذ أمر الابتلاء بالنعمة في حقه فيلزمه من الشكر ما لا يلزم المبتلى، ومنهم من نفذ أمر الابتلاء بالنقمة في حقه فيلزمه من الصبر ما لا يلزم المعافى.
ولله، عز وجل، في خلقه شئون، فله بهم ألطاف خفية، فمن معدن المحنة تستخرج المحنة، فإن ذلك الأخ، ولا أزكيه على ربه، قد تعرض لمحنة إنسانية مجحفة، كفيلة بتسخط نفوس كثير من المكلفين، ولكنه ألهم من الصبر ما امتن به الله، عز وجل، عليه بمقتضى فضله الذي يضعه حيث علم قبول المحل لآثاره، فذلك من مقتضى حكمته الباهرة، فانقلبت المحنة إلى منحة، فأعطي من الدين ما لا يعطاه عادة من ينشأ في ظروف أسرية عصيبة كظروفه، وأعطي من الدنيا فهما ثاقبا، وجلدا على مشاق الحياة، فهو من أصحاب الكفاءة العالية في تخصصه، ومن أصحاب النشاط الوافر والهمة العالية في عمله، ثم هو قد وفق إلى بيت كريم، عسى الله أن يجمع بينه وبين زوجه على طاعته، فأي نعم أعظم من تلك النعم الدينية والدنيوية السابغة!، فلك الحمد ربي على حد الاختصاص والاستحقاق، على ما وفقت إليه عبادك من صالح الدين والدنيا، فذلك من فضلك، ولك الحمد على ما حجبت من توفيقك عن بعض عبيدك فذلك من عدلك، فالعباد بين فضلك وعدلك يترددون، وعن مددك الكوني والشرعي لا يستغنون.
وغدا، بالمعنى المجازي الدال على القرب لا الغد الآتي بعينه، غدا إن شاء الله، عز وجل، تولد تلك الأسرة المسلمة لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل سفر الهجرة إلى الرب، جل وعلا، فعسى الله، عز وجل، أن يجعل كليهما عونا لصاحبه على قطع مفاوز تلك الرحلة الشاقة.
وهي أسرة تستحق الدعاء بظهر الغيب فذلك من صلة رحم المسلم كما حكى بعض أهل العلم، فلا تنسوهم من خالص دعائكم أيها الكرام.
والله من وراء القصد.
ـ[رحمة]ــــــــ[07 - 12 - 2009, 05:53 م]ـ
الحب في الله من أسمى المعاني و أرقها و أجملها
جزاكم الله خيراً و بارك الله فيكم أخي الكريم
ـ[القاموس المحيط]ــــــــ[13 - 12 - 2009, 08:13 م]ـ
جزاك الله خيرا ...
موضوع رائع غفل أكثر الناس عنه ...
أحبك في الله أخي الفاضل ..