تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقل مثله في خبر الأمم السابقة، كخبر المصدقين وما نالهم من الكرامة على حد قوله تعالى: (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ)، فحصل لهم التمتع فرعا عن الإيمان، فالإيمان علة التمتع التي قد علق عليها وجودا وعدما فالحكم مطرد منعكس فمتى كان إيمان كان نعيم، ومتى كان ضده من الكفران كان ضد النعيم من العذاب، وذلك من قياس القرآن العقلي الصريح الذي يخاطب العقل والقلب معا ففيه غذاء نافع لكليهما.

وأما خبر المكذبين فهو مما يحمل الناظر فيه على مخالفتهم لينال من الكرامة ما هو على الضد مما نالوه من الإهانة، بمقتضى، ما تقدم، من قياس العكس القرآني، فيثبت عكس الحكم بانتفاء العلة وثبوت عكسها، فيثبت عكس الإهلاك من الإنجاء لانتفاء علة التكذيب وثبوت عكسها من التصديق.

والشاهد أنه لا ينفك الخبر عن دلالة ولو خفية على إنشاء فلا يوجد خبر لا يثير في الإنسان قوى الحب أو الكره أو الخوف أو ..... إلخ مما يلزم منه بداهة ظهور آثار ذلك التصور الباطن على الظاهر قولا أو فعلا.

وذلك أيضا: وصف عام لا تختص به أمة بعينها ليصح قول من قال بأن السياق دال على عنصرية الإسلام، فالحكم قد علق على علتين: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإيمان بالله، وهو أعم من الأول، فذكره عقيبه من باب: عطف العام على الخاص، إذ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرد من أفراده، فيكون السياق قد دل على تلك الشعيرة الجليلة بدلالة المطابقة في: "تأمرون"، فهي صريحة فيه، ودلالة التضمن في: "وتؤمنون بالله"، فالإيمان يتضمن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تضمن الكل للجزء أو العام لأفراده فنسبتهما كما قرر أهل النظر: نسبة عموم وخصوص مطلق، لتضمن الإيمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا عكس.

وتعليق الحكم على أكثر من علة أمر قد تقرر في الأصول، فهما بمنزلة العلة المركبة من أجزاء، كعلة منع الربا في المطعومات عند الشافعية، رحمهم الله، فهي: الكيل والطعم معا، فلا إشكال في تعليق الآية على هذين الوصفين. فلا يكفي إيمان بلا إنكار مع القدرة باليد أو اللسان، أو إنكار مع العجز بالقلب، بل لا يتصور إيمان بلا هذه المرتبة فهي أضعف المراتب، ولا سلطان لبشر عليها ليصح وقوع الإكراه فيها فإن الإكراه يتعلق بالقول والعمل الظاهر، وأما الباطن فلا سلطان لأحد عليه إلا الرب تبارك وتعالى.

فإذا رضي الله، عز وجل، من أفراد هذه الأمة بالعمل اليسير، فإنما يرضى من المسلمين أيا كانت أعراقهم أو أجناسهم، لا من العرب، فالعروبة، كما تقدم، وصف طردي غير مؤثر في مثل هذه المواضع، وإنما تعلل أحكام التفاضل بين الشعوب والقبائل بعلة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).

والله أعلى وأعلم.

ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[03 - 01 - 2010, 12:58 م]ـ

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... وبعد:

الأستاذ الفاضل: مهاجر

جزاك الله خيرا ... موضوع قيم ومفيد .... جعله الله في موازين حسناتكم يوم تلقونه ... اللهم آمين

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير