تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا الأمر وإن كان واجبا علينا ابتداء فهو واجب على كل مسلم حتى لا نلقي العبء على مصر وحدها فليست هي البلد المسلم الوحيد الذي يتوجه إليه الخطاب الشرعي بإيجاب نصرة المسلمين في غزة، ورفع الضيم عنهم، وليس المسلمون فيها هم كل المسلمين في العالم فتلك من الحيل النفسية التي يتذرع بها يعض المسلمين في إلقاء التبعة على مصر عموما أو حتى على حكومتها خصوصا وتوجه الخطاب إلينا ابتداء أمر لا يمكن إنكاره، ولكن في المقابل: لكل قادر من المسلمين أيا كان مصره، قعد عن بذل ما يستطيع ولو دعاءً، له من الإثم نصيب إن لم يؤد ما أمر به، فليست غزة مشكلة يعالجها أحد المجالس المحلية لمركز أو قرية مصرية!، وإنما هي قضية المسلمين السياسية الأولى، وإنما توجه التكليف إلينا وإلى الدول التي تملك حدودا مع فلسطين تستطيع إدخال معونات منها، توجه التكليف إلينا ابتداء لكوننا الجيران، ودائرة الفرض في مثل هذه النوازل نعم او ما تعم الجيران، بل نحن عند التحقيق ألصق الجيران بغزة، وهي ابتداء بمراجعة التاريخ الحديث كانت تحت الإشراف المصري، فرحمها رحم ماسة يتعين على مصر أن تصلها قدر استطاعتها.

ومع وقوع اشتباكات في نقاط أخر بين المصريين والفلسطينيين يتجدد خطر استغلال النعرات القومية التي صادفت هوى عند كثير من أصحاب الأعذار الواهية، ولعل نازلة الجزائر ومصر، لا زالت في الأذهان حاضرة، فالأمر يدار بنفس الطريقة في كل مرة، بغض النظر عن أهمية الأمر أو تفاهته، فيصور الأمر على أنه اعتداء على كرامة وسيادة الأمة ويتم تضخيم الخسائر وشخذ الألسنة التي غالبا ما تجري عليها ألفاظ نابية هي بمشاجرات الشوارع أليق، والخطاب الإعلامي الذي تنسب إليه الأمة المسلمة في مصر نسبة زور غير شرعية سبب لنا كثيرا من الإحراج الشرعي سواء أكان سياسيا أم رياضيا كما وقع في الآونة الأخيرة وإن لم يخل الأمر من تجاوز من كلا طرفي النزاع ولكننا كنا أطول لسانا على إخواننا وأقذع ألفاظا، أم فنيا كما يزعم أصحابه أصاب كرامة المصريين من لدن دخل التلفاز في مصر في أوائل الستينيات إلى يوم الناس هذا بالإحراج إذ صور مصر المسلمة وفيها من الديانة والاحتشام ما لا ينكره إلا جاحد صورها على أنها ملهى ليلي يقضي فيه الفساق وطرهم!، وهي صورة نمطية كونها العقل الجمعي العربي عن أكبر دولة إسلامية في المنطقة، وهذه من بركات إعلامنا المشئوم سلط عليه من يصلحه أو يهلكه لإنقاذ سمعة المسلمين من أبناء مصر.

وربما خرجت الصحف غدا لتندد بالاعتداء الآثم على السيادة المصرية ومقتل المجند المصري، وهو أمر لا يمكن إغفاله شرعا، ولكن المسألة الآن ينظر إليها من عدة أبعاد:

من بعد ما يراق من الدماء في الفتن، فلا يعرف في ظل الهرج والمرج جهة بعينها يمكن إلقاء التبعة عليها: اشتباك عام بين جماعتين يؤدي إلى سقوط قتلى بين الطرفين فمن يضمن ولا شرع يحكم شئون الحياة ابتداء وإنما العشوائية المعهودة في معالجة كل النوازل.

ومن بعد تقدير الأزمة الإنسانية الرهيبة التي يعاني منها المسلمون في غزة فشوقهم إلى هذه القافلة معنوي أكثر منه ماديا فلن تحل هذه القافلة المشكلة الإنسانية في غزة وإنما غايتها التسكين لا العلاج، وهو تسكين محدود الموضع والمدة فليته كان عاما!. والمصريون من أكثر الناس إحساسا بهذه الآلام الإنسانية التي يعانون منها ليل نهار واسأل رواد المخابز عنها الذين يقضون أوقات كبيرة من أعمارهم لشراء رغيف خبز تأنف منه البهائم!، فيسرق المحتكرون الدقيق الجيد لإطعامه البهائمَ، فربحه أعلى من بيعه إلى الآدميين، وهذه من أبرز ثمار كامب ديفيد اليانعة إذ ذلك القمح هو كناسة المخازن الأمريكية التي تستقبلها مصر برسم المعونة!، أو هي جزء من المعونة فلا كبير فرق.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير