تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَمِنْ الشَّيْطَانِ وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ مِنْهُ. فَإِنَّ كُلَّ مَا خَالَفَ سُنَّتَهُ فَهُوَ شَرْعٌ مَنْسُوخٌ أَوْ مُبَدَّلٌ لَكِنْ الْمُجْتَهِدُونَ وَإِنْ قَالُوا بِآرَائِهِمْ وَأَخْطَئُوا فَلَهُمْ أَجْرٌ وَخَطَؤُهُمْ مَغْفُورٌ لَهُمْ". اهـ

فشملت هذه الجملة معظم أصول الحكام التي يتناولها الأصوليون في مبحث: أدلة الأحكام.

ويقول في موضع آخر:

"إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ جَمِيعَ الدِّينِ أُصُولَهُ وَفُرُوعَهُ؛ بَاطِنَهُ وَظَاهِرَهُ عِلْمَهُ وَعَمَلَهُ فَإِنَّ هَذَا الْأَصْلَ هُوَ أَصْلُ أُصُولِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَكُلُّ مَنْ كَانَ أَعْظَمَ اعْتِصَامًا بِهَذَا الْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى بِالْحَقِّ عِلْمًا وَعَمَلًا وَمَنْ كَانَ أَبْعَدَ عَنْ الْحَقِّ عِلْمًا وَعَمَلًا: كَالْقَرَامِطَةِ والمتفلسفة الَّذِينَ يَظُنُّونَ: أَنَّ الرُّسُلَ مَا كَانُوا يَعْلَمُونَ حَقَائِقَ الْعُلُومِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْكُلِّيَّةِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِزَعْمِهِمْ مَنْ يَعْرِفُهُ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَيَقُولُونَ: خَاصَّةُ النُّبُوَّةِ هِيَ التَّخْيِيلُ وَيَجْعَلُونَ النُّبُوَّةَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ كَمَا يَقُولُ هَذَا وَنَحْوَهُ الْفَارَابِيُّ وَأَمْثَالُهُ مِثْلَ مُبَشِّرِ ابْنِ فَاتِكٍ وَأَمْثَالِهِ مِنْ الإسماعيلية. وَآخَرُونَ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ الرَّسُولَ عَلِمَ الْحَقَائِقَ لَكِنْ يَقُولُونَ: لَمْ يُبَيِّنْهَا بَلْ خَاطَبَ الْجُمْهُورَ بِالتَّخْيِيلِ فَيَجْعَلُونَ التَّخْيِيلَ فِي خِطَابِهِ لَا فِي عِلْمِهِ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ ابْنُ سِينَا وَأَمْثَالُهُ. وَآخَرُونَ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ الرُّسُلَ عَلِمُوا الْحَقَّ وَبَيَّنُوهُ لَكِنْ يَقُولُونَ: لَا يُمْكِنْ مَعْرِفَتُهُ مِنْ كَلَامِهِمْ بَلْ يُعْرَفُ بِطَرِيقٍ آخَرَ: إمَّا الْمَعْقُولُ عِنْدَ طَائِفَةٍ؛ وَإِمَّا الْمُكَاشَفَةُ عِنْدَ طَائِفَةٍ؛ إمَّا قِيَاسٌ فَلْسَفِيٌّ؛ وَإِمَّا خَيَالٌ صُوفِيٌّ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي كَلَامِ الرَّسُولِ فَمَا وَافَقَ ذَلِكَ قُبِلَ وَمَا خَالَفَهُ؛ إمَّا أَنْ يُفَوَّضَ؛ وَإِمَّا أَنْ يُؤَوَّلَ". اهـ

فذلك وصف جامع لأصحاب المقالات الحادثة فكلهم يحط من قدر النبوات ويجعلها مدار أمر العوام ممن لم يبلغوا حقائق الأمور، فالنبي يقود العامة، والفيلسوف أو المتكلم أو المكاشف يقود الخاصة بمعقوله أو ذوقه، على تفاوت بينهم في ذلك، فليس المتكلم الذي رام تنزيه الرب، جل وعلا، عن مشابهة الحوادث لشبهة قياس تمثيل أو شمول عرضت له، كالفيلسوف الذي نقض أصول الملة فأول منها ما لا يحتمل التأويل من المعلوم من الدين بالضرورة، وليس السالك الذي وجد شيئا بذوقه فقدمه على حكم الله ورسوله متأولا أو متعديا كمن أبطل الشريعة بمكاشفاته فأسقط التكليف واستباح الفواحش برسم التحقيق!، فضلا عن وقوعه في مقالة الاتحاد أو الحلول التي ظهرت في المتأخرين من أهل الطريق كابن عربي وابن الفارض .... إلخ.

ويقول في موضع ثالث، في "درء التعارض":

"ولو كان الناس محتاجين في أصول دينهم إلي ما لم يبينه الله ورسوله لم يكن الله قد أكمل للأمة دينهم ولا أتم عليهم نعمته فنحن نعلم أن كل حق يحتاج الناس إليه في أصول دينهم لا بد أن يكون مما بينه الرسول إذ كانت فروع الدين لا تقوم إلا بأصوله فكيف يجوز أن يترك الرسول أصول الدين التي لا يتم الإيمان إلا بها لا يبينها للناس؟

ومن هنا يعرف ضلال من ابتدع طريقا أو اعتقادا زعم أن الإيمان لا يتم إلا به مع العلم بأن الرسول لم يذكره.

وهذا مما احتج به علماء السنة علي من دعاهم إلي قول الجهمية القائلين بخلق القرآن وقالوا: إن هذا لو كان من الدين الذي يجب الدعاء إليه لعرفه الرسول ودعا أمته إليه كما ذكره أبو عبد الرحمن الأذرمي الأزدي في مناظرته للقاضي أحمد بن أبي دؤاد قدام الواثق". اهـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير