تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أدب ابن سعدي مع المخالف له وحسن ظنه به]

ـ[العوضي]ــــــــ[07 - 07 - 05, 03:06 م]ـ

قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ضمن رسالة له لتلميذه عبد الله بن عقيل (الأجوبة النافعة ص116 - 118):

( ... من مدة كم شهر وصلني كتاب عبد العزيز السويح، ينكر فيه ما ذكرته في باب حكم المرتد، وتفصيلنا في أهل البدع ذلك التفصيل.

وإنكاره في شدة عظيمة!

فرددت عليه بلطف، وأحلته بهذا التفصيل على كلام الشيخ وابن القيم.

ولم أناقشه في شدته، ولا حاسبته على ألفاظه غير اللائقة، لأني ظهر لي أن البحث والتمادي معه ماله ثمرة ولا نتيجة.

ثم جاءني كتاب أشد من الأول، ويزعم أن هذا التفصيل مخالف لمذهب الأمة، وأنه باطل متناقض، وأننا أتينا بمنكرات وطامات ... إلى آخر ما ذكر.

كلام يعجب الإنسان كيف يصدر ممن ينتسب إلى العلم من دون أن يعرف ما عند صاحبه! ومن دون أن يقابله!

لهذا ما أحببت أتمادى معه في البحث الطويل.

فتجد جوابَ خطِّه الأخير طيّ كتابك، تُشرف عليه، وترسله للمذكور.

لأن الظاهر أنه _ إن شاء الله _ مهوب كله هوى، لأني ما أعرفه ولا يعرفني، ولا جرى بيني وبينه قبل هذا أدنى مكاتبة، وإنما حمله على ذلك أنه انعقد في فكره هذا (كلمة غير واضحة) الذي يراه في تكفير جميع الجهمية والمعتزلة من غير فرق بين المعاند وغيره، ولم يعرف كيف الطريق إلى إنكار ما اعتقد منكرا، فجاء بهذه الطريقة التي ليس لها مقدمة، ولا جرى من صاحبه عناد يوجب له ما أوجب.

نرجو الله أن يوفق الجميع لكل خير)

ـ[العوضي]ــــــــ[07 - 07 - 05, 03:08 م]ـ

التعامل مع خطأ العالم

الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله

[ومن أعظم المحرمات وأشنع المفاسد إشاعة عثراتهم والقدح فيهم في غلطاتهم، وأقبح من هذا وأقبح إهدار محاسنهم عند وجود شيء من ذلك، وربما يكون – وهو الواقع كثيراً – أن الغلطات التي صدرت منهم لهم فيها تأويل سائغ ولهم اجتهادهم فيه، معذورون والقادح فيهم غير معذور؛ وبهذا وأشباهه يظهر لك الفرق بين أهل العلم الناصحين والمنتسبين للعلم من أهل البغي والحسد والمعتدين، فإن أهل العلم الحقيقي قصدهم التعاون على البر والتقوى، والسعي في إعانة بعضهم بعضاً في كل ما عاد إلى هذا الأمر، وستر عورات المسلمين وعدم إشاعة غلطاتهم والحرص على تنبيههم بكل ممكن من الوسائل النافعة، والذب عن أعراض أهل العلم والدين، و لا ريب أن هذا من أفضل القُرُبات، ثم لو فرض أن ما أخطأوا أو عثروا ليس لهم تأويل و لا عذر، لم يكن من الحق والإنصاف أن تُهدر المحاسن وتُمحى حقوقهم الواجبة بهذا الشيء اليسير، كما هو دأب أهل البغي والعدوان، فإن هذا ضرره كبير وفساده مستطير، أي عالم لم يخطئ وأي حكيم لم يعثر؟] [الثقافة 1/ 436]

مثال:

يعجبني ما وقع لبعض أهل العلم وهو انه كتب له إنسان من أهل العلم والدين ينتقده انتقاداً حاراً في بعض المسائل، ويزعم أنه مخطئ فيها حتى إنه قدح في قصده ونيته، وادعى انه يدين الله ببغضه بناءً على توهم من خطئه، فأجاب المكتوب له:

يا أخي إنك إذا تركت ما يجب عليك من المودة الدينية، وسلكت ما يحرم عليك من اتهام أخيك بالقصد السيء على فرض أنه أخطأ، وتجنبت الدعوة إلى الله بالحكمة في مثل هذه الأمور، فإني أخبرك قبل الشروع في جوابي لك عما انتقدتني عليه: بأني لا أترك ما يجب عليَّ من الإقامة على مودتك، والاستمرار على محبتك المبنية على ما أعرفه من دينك انتصاراً لنفسي، بل أزيد على ذلك بإقامة العذر لك في قدحك في أخيك، بأن الدافع لك على ذلك قصدٌ حسن، لكن لم يصحبه علم يصححه، و لا معرفة تبين مرتبته، و لا ورع صحيح يوقف العبد عند حده الذي أوجبه الشارع عليه 0 فلحسن قصدك عفوتُ لك عما كان منك لي من الاتهام بالقصد السيء، فهب أن الصواب معك يقيناً، فهل خطأ الإنسان عنوانٌ على سوء قصده، فلو كان الأمر كذلك، لوجب رمي جميع علماء الأمة بالقصود السيئة، فهل سلم أحد من الخطأ؟! وهل هذا الذي تجرأت عليه إلا مخالف لما أجمع عليه المسلمون من أنه لا يحل رمي المسلم بالقصد السيء إذا أخطأ، والله تعالى قد عفا عن خطأ المؤمنين في الأقوال والأفعال، وجميع الأحوال 0 ثم نقول: هب أنه جاز للإنسان القدح في إرادة من دلت القرائن والعلامات على قصده السيء، أفيحل القدحُ فيمن عندك من الأدلة الكثيرة على حسن قصده، وبعده عن إرادة السوء ما لا يسوغ لك أن تتوهم فيه شيئا بما رميته به، وإن الله أمر المؤمنين أن يظنوا بإخوانهم خيراً إذا قيل فيهم خلافُ ما يقتضيه الإيمان، فقال تعالى (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ) سورة النور.

واعلم أن هذه المقدمة ليس الغرض منها مقابلتك بما قلت، فإني كما أشرت لك: قد عفوت عن حقي إن كان لي حق، ولكن الغرض النصيحة، وبيان موقع هذا الاتهام من العقل والدين والمروءة الإنسانية. [الفتاوى:47]

منقول من شبكة سحاب

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير