تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أهمية التأصيل العلمي]

ـ[أبوسليمان النجدي]ــــــــ[22 - 05 - 05, 01:56 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، الذي جعل لكل شيء سبباً، ولكل غايةٍ طريقاً ومسلكاً، حتى لا يتيه خلقه في المسالك حيارى، ولا يتخبطوا في الطرق تائهين.

والصلاة والسلام على رسوله محمد الأمين، الذي جعله الله تعالى نبراساً للخلق، وإماماً وقدوة للثقلين، فهدى به أعيناً عمياً وفتح به آذاناً صماً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين قالوا بالحق والهدى وبه كانوا يعدلون وعلى سبيله ومنهجه كانوا يسيرون ويجاهدون، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن العلم الشرعي على اختلاف أنواعه ومراتبه (من عقيدة وتفسير وفقه) هو أعظم العلوم، وأنفعها للبشرية، قال الله تبارك وتعالى:) لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ((آل عمران: 164).

فالله عز وجل يمن على عباده بهذه النعمة العظيمة ويشيد بها ويمن وهذا دليل على أهميتها لهم، وعلى خطورة فقدها.

ثم وضح هذه النعمة: بأنها: بعثة الرسول محمد e فيهم، وكان رسولاً منهم ومن جنسهم ومن خيرهم، عليه الصلاة والسلام وكان من وظيفته أنه يتلوا عليهم آيات الله عز وجل ويطهرهم حسياً ومعنوياً، حسياً من المعاصي الظاهرة التي تلطخ بها أبدانهم كالخمر و أكل الميتة وغيرها، ومعنوياً بتطهير قلوبهم من الشرك والنفاق وغيرهما من الآفات القلبية والمعنوية.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد: بل إن هذا الرسول كان يعلمهم الكتاب والحكمة والكتاب هو القرآن الكريم، والحكمة هي السنة المطهرة فكان يعلمهم ذلك، أحسن تعليم، ويبينه لهم أحسن بيان، فتارة بالقول، وتارة بالفعل، وتارة بالإشارة وتارة بالإقرار، وكان متلطفاً معهم في ذلك ليناً متواضعاً:) فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك (الآية (آل عمران: 159).

وكان يلقي عليهم العلم عن طريق الخطب الراتبة كالجمعة والعيدين ونحوها، أو الطارئة وأحياناً في المسجد في الحلق العلمية التي كان يعقدها e لأصحابه ليعلمهم بها العلم ويعظهم ويوجههم.

ونبَّه على أهمية هذه الحلق العلمية وحضورها والاستفادة منها في حديث عظيم، حيث كان عليه الصلاة والسلام جالساً مع أصحابه في حلقة في المسجد، وبينما هو يتحدث إذ جاء ثلاثة نفر، فأما أحدهم فجاء إلى الحلقة وبحث عن محلٍ فيها وجلس، وأما الثاني: فقد استولى عليه الحياء، وأثر به فجلس في آخر الحلقة وراء الناس وأما الثالث: فإنه ترك الحلقة وخرج من المسجد.

فقطع رسول الله e كلامه لأصحابه ليبين لهم خبر هؤلاء النفر، حيث في ذلك تربية للصحابة ومن بعدهم، وتنبيهاً على أهمية الحلق العلمية – فبدأهم بأسلوب العرض: (ألا أخبركم ............. )

وذلك من حسن تعليمه عليه الصلاة والسلام حيث شوقهم لهذا العلم فقال: (أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله،وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه)

فبيَّن حال كل واحدٍ وجزاءه على ما فعل، وكان جزاء كل واحد من جنس عمله.

فهذا الذي دخل في صفوف الحلقة وجلس فيها، أوى إلى الله عز وجل والله عز وجل أكرم منه فهو الكريم المنان فأواه الله تعالى وقربه إليه.

والثاني: حمله الحياء من الناس أن جلس في مؤخرة الحلقة فاستحيا الله منه.

وأما الثالث: فترك الحلقة وخرج من المسجد، فأعرض الله عنه جزاءً وفاقاً

فقد اتخذ الرسول e المسجد لتعليم الناس دينهم، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتنافسون في حضور هذه المجالس، فكان إذا صلى الصبح انصرف إلى الموضع الذي يجلس فيه ليلقي العلم فيجيئ أصحابه ويتحلقون حلقاً حوله، فيتلوا عليهم القرآن ويحدثهم.

وقد كانت مساجد الصحابة رضوان الله عليهم بعد وفاة الرسول e عامرة بحلق الذكر والعلم.

فعن يزيد الرقاشي قال: كان أنس – رضي الله عنه – مما يقول عن حلق العلم بين الصحابة: (إنما كانوا إذا صلوا الغداة قعدوا حلقاً حلقاً، يقرؤن القرآن ويتعلمون الفرائض والسنن).

وهكذا سار التابعون رحمهم الله على نهج الصحابة رضوان الله عليهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير