تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نشأة جذور المصادر اللغة العربية]

ـ[نائل عبد العزيز]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 05:31 ص]ـ

نشأة جذور مصادر اللغة العربية

هذا البحث يخص المراحل الزمنية القديمة التي مرت بها اللغة العربية منذ نشأتها الأولى إلى الفصحى المتجسدة في القرءآن الكريم أي منذ أواخر العصر الحجري القديم ( Paleolithic) ألذي ينتهي قبل 15 ألف عام وما قبله، أبان الفترة الجليدية الأخيرة، والمرحلة الثانية تبدأ من نهاية الفترة الجليدية ألتي توافق العصر الحجري الحديث ( Neolithic) قبل 15 ألف عام وألتي تميز فيها الانسان بأختراع الزراعة في ظروف مناخية أفضل من السابق وأنتقل رويدا رويدا من البداوة إلى الإستقرار القروي البدائي وألذي بفضل هذا الإختراع المهم شرع آخرون بهجرات عديدة سادت تلك العصور وفي شتى الأتجاهات بحثا عن أرض جديدة للإستيطان القروي. عرف هذا العصر فترتين زمنيتين هما ما قبل التاريخ ( Prehistoric) بين 15 إلى حوالي 7 الاف عام قبل الحاضر، يليه ما قبيل التاريخ ( Protohistoric) بين 7 إلى 5 آلاف قبل الحاضر، ومنذ حوالي 5 آلاف عام دخل الإنسان التاريخ بفضل إختراع الكتابة في سومر. أن موطن ومنشأ اللغة العربية ينحصر في الجزيرة العربية بمعناها الواسع مابين الخليج العربي وجبال زاكروس شرقا والبحر الأحمر, سيناء والبحر المتوسط غربا وبين بحر العرب جنوبا وجبال طوروس شمالا.

تتميز اللغة العربية بالمرونة العالية مقارنة باللغات الحية الأخرى وتلك المحكية في أنحاء العالم (حوالي 6 آلاف لغة). هذه المرونة جعلتها تحتفظ بأمانة جذورها ألتي تمتد إلى قدم الإنسانية، وبتطورها الإنسيابي (هارموني) دون تبعجات وإنكسارات تُذكر كالذي حدث للأخريات سواء حية أو ميتة وباتت صعبة التحري وسبر أصل مصدرها إلا بمساعدة المواد الأثرية كالمخطوطات الكتابية. واللغة العربية تضمر في باطنها أجنتها الأولية المؤسسة لها على أفضل صورها وربما لا تحتاج إلى أدلة أثرية لذلك، أدلة أثرية تاريخها يعود في أبعد تقدير إلى ما قبل حوالي 2500 عام متجسدة في نقوش عربية فصحى تم إكتشافها في الأردن. هذا الميراث اللغوي يذهب بنا في أغلب الإعتقاد إلى عنصر بيئتها من أرض مفتوحة وسماء صافية، فيها الطرد والجذب بين جفاف وأرض زراعية ووفرة حيوانية ونباتية ومصادر مائية من جهة، وإلى الطبيعة الإجتماعية ألتي بقت منذ عصور سحيقة في موقعها الجغرافي الواسع نسبيا. هاتان العنصران ثبتا هذا اللسان في مكان واحد مع تطور هارموني دون إنقطاع لغوي حيث مجموعات (عشائر) هذه اللغة تتبادل عند الإلتقاء بما هو جديد قد طرأ عند الأخرى نظرا لقصر المسافات نسبيا بينها.

أن جميع لغات العالم الحية والميتة تحوي حروف جر كانت بمثابة إولى لبنات لغة الإنسان القديم أي بعبارة أخرى هي النواة المؤسسة لجميع اللغات الإنسانية الحالية دون إستثناء وأن عامل الزمن والحاجة والإختراع قد طور هذه الحروف إلى كلمات ومفردات بسيطة ثم معقدة تدخل في تركيب الأسماء والضمائر والأدوات والأفعال في أزمانها الحاضر والماضي والمضارع. هذه الأزمان كانت مبهمة لدى الإنسان البدائي في العصور الحجرية القديمة كما في يومنا حيث بقت لغات بدائية تخلو من مفهوم المضارع الواضح في لغتنا، مثلا عند بعض مجموعات أفريقية وأوسيانية وفي أمريكا كالهنود الحمر يعتمد بعضها للآن على حروف الجر مع بعض الأصوات تشير إلى أسماء وأفعال غير معقدة وفيها الغلبة لحروف العلة وحركاتها وأمواجها الصوتية مع البعض القليل من الحروف الصحيحة. ثم تلت هذه الفترة فترة اللغات اللصقية وهي متطورة عن سابقتها فيها المصدر يُلصق إليه حرف أو عدة حروف جر تُغير المصدر الأصلي إلى معاني أخرى فهو أمام المصدر نقول عليه حرف الجر الأولي ( prefix) والوسطي ( infix) ثم النهائي ( suffix)، وهي تتمثل بالسومرية والتركية والتاميلية والجورجية وغيرها. وعن هذه اللغات اللصقية تطورت لغات متقدمة في تركيبتها المصدرية ألتي تعتمد على الجذور وأطلق عليها اللغات الهجائية أو الإشتقاقية ( inflected languages) حيث لصق حرف جر مع المصدر ليكون مصدرا جديدا آخر يقبل التصريف كما في العربية الفصحى ولهجاتها القديمة كالأكدية والآشورية والبابلية والآرامية والكنعانية في شقها الفينيقي، وكذلك المصرية القديمة والأمهرية في القرن الأفريقي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير