تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تحيز لغوي أم إنكار الأصل]

ـ[نائل عبد العزيز]ــــــــ[09 - 01 - 2009, 10:18 ص]ـ

تحية طيبة لاسرة موقع الفصيح

يكتب الدكتور حمزة المزيني في مدخل كتابه التحيز اللغوي وقضايا اخرى: ظلَّت اللغةُ واحدة من الخصائص الإنسانية التي أثارت انتباه الإنسان طوال العصور. فكان اكتسابُ الإنسان لها وتنوُّعُها من مجتمع إلى آخر ومقارنةُ تلك الأنواع بعضها ببعض مسائلَ لم يتوقف الإنسان منذ القِدَم عن التفكير فيها واقتراح تفسيرات لها. ومن اللافت للنظر أن تفسيراتِ هذه الظواهر كثيرًا ما تتشابه في الحضارات المختلفة؛ إذ نجد في كل حضارة من يرى أن لغة تلك الحضارة هي أولُ اللغات نشأة، وأن اللغات الأخرى لم تَنشأ إلا متأخرة نتيجة لعقاب إلهيّ، وأن تلك اللغة تتفوق على ما عداها: فهي الأجمل والأكمل والأكثر منطقية. . . إلى غير ذلك من الصفات المميِّزة.

ثم ينتقل الى فصل التحيز اللغوي عند العرب ويكتب: ليس العرب بدعًا بين الأمم في مسألة التحيز اللغوي. فقد ظهر هذا النوع من التحيز عندهم في أطوار تاريخهم الثقافي كله. وسوف أناقش هنا مظاهر هذا التحيز والكيفية التي ورد بها في المصادر العربية والأسباب التي كانت وراء وجوده فيها. ويمكن أن يعالج هذا الموضوع في التراث العربي القديم على حدة ومن ثم في الدراسات العربية المعاصرة.

يمكن أن يتخذ التحيز اللغوي عند العرب المظاهر الآتية:

1ـ أن اللغة العربية أول اللغات نشأة،

2ـ اللغة العربية أفضل اللغات وأكملها وهي لغة أهل الجنة،

3ـ فصاحة قريش،

4ـ نشأة النحو.

بالنسبة للدكتور المزيني ان كل من يقول ان المنطقة التي ترعرعت فيها اللغة العربية ترزخ بمعاني أول سمات الانسان والانسانية والحضارية بمعنى انها ارض نشأة اول انسان واول حضارة واول كتابة ودخول الانسان لأول مرة في التاريخ واول مدينة ومدنية واول دولة واول تشريع قانون واول اختراع للزراعة واول قوانين الاقتصاد مع اختراع النقد للتبادل التجاري واول ديانات سماوية التي تنتمي اليها اغلب البشرية، واول برلمان (كتاب لصاموئيل كرامر في التاريخ يبدأ في سومر) واول مدرسة، واول مستشفى واول صيدلية واول طبيب وعلوم الطب، واول مطبخ واول معجم والقائمة تطول، فهو متحيز لغويا وقوميا ... الخ. لم يذكر الدكتور المزيني حرفا واحدا من هذه الحقائق ان المنطقة التي ترعرعت وتطورت فيها اللغة العربية هي الاولى في نشأة الانسان وحضارته من جميع جوانبها. اذن نشأة وبداية الانسان وحضارته لم تكن لا في الصين ولا في المكسيك ولا في مكان اخر.

لقد ذهب الدكتور المزيني في تحليله الذي اعتمد بأساسه على العموميات وجلب الروايات الانشائية لكي يطعن باللغة العربية والتشكيك في اصلها المتجذر منذ قدم الانسان يتخذ من بعض الذين فعلا ينحازوا عاطفيا وروحيا لمنشأ اللغة العربية، دون اخذ بالحسبان السببية العلمية لهذا المنشأ، هدفا سهلا للتشكيك في اصالة اللغة العربية. ثم ما العلاقة بين شخص ما من شعب ما في المكسيك او في اوربا او مكان آخر ينحاز قوميا وعاطفيا لأصل لغته مع العلوم التي تثبت ان منطقة اللغة العربية هي الاقدم في نشأة الانسان الحديث الجد الاول لجميع البشرية ونشأة الحضارات التي لم يتطرق لها الدكتور المزيني ولكنه ربط فكرته بطريقة انتقائية مفتعلة من عموميات النزعة الانحيازية عند الافراد او المجتمعات في اي ميدان ممكن ومنه اللغوي (يضرب الدكتور في علم الاجتماع الراحل علي الوردي مثلا في التلقائية الانحيازية: لو حافلة ركاب تصطدم بشخص كان ماشيا فركاب الحافلة وبشكل تلقائي يكونوا فريق متضامن مع سائق الحافلة وفريق المصدوم يتكون من الراجلة ضد الفريق الآخر) مع الذي ينحاز فعلا عاطفيا للغته العربية ليصل بالتالي الى التشكيك في المنشأ والاصل حيث لم يشرح الدكتور المزيني في كتابه ان هذه النزعة الانحيازية متواجدة وبشكل تلقائي عند كل فرد ومجموعة ومجتمع. ولكن الذي حصل في بحث المزيني انه طرح النزعة الانسانية عند الاقوام في الانحياز للغاتهم وقفز فوق جبل من تاريخ منطقتنا ومنشأ الانسان والحضارة واتخذ من شريحة عاطفية او تستمد معلوماتها من محور واحد لا تعتمد على محاور علمية عدة كسببية في الهجوم المبطن للتشكيك في قدم واصالة اللغة العربية وهو علميا امر ثابت ومثبت الذي لا يمكن لا للدكتور المزيني

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير