تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مَسْكُوكَاتُ لُغَتِنَا: مَرْحَبًاً، لبَّيْك، طُوْبَى

ـ[أريج]ــــــــ[27 - 02 - 2009, 01:03 ص]ـ

مَسْكُوكَاتُ لُغَتِنَا

أَوْجَزَت اللَفْظَ وَأَشْبَعَت المَعْنَى


بِقَلَمِ/ عِمَاد حَسَن أَبُو العَيْنَيْنِ (1)

تزخر لغتنا بالعديد من المسكوكات اللغوية أو التعابير المسكوكة التى جرت فى سيرورتها وذيوعها مجرى الأمثال, وإن لم تكن أمثالًا بالمعنى القياسى, كما كثر ورودها فى التراث العربى نثرًا ونظمًا, وشاع استخدامها بين الخاصة والعامة.
وقد تُقاس عبقرية اللغة بما تمتلكه من مسكوكات أو صيغ لغوية يتناقلها أبناء اللغة جيلًا بعد جيل, شفهيًا أو كتابيًا.
ومن خصائص هذه المسكوكات أو التركيبات أو الصيغ إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكتابة، وهي مغلقة على نفسها ومكتملة بذاتها, وذات صياغة ثابتة أى؛ لا يجوز التغيير فى صياغتها التكوينية, بحذف أو إضافة, على الرغم من ذيوعها أساسًا على نحو شفهى.
ومن خصائصها أيضا أنها تشبه الأمثال فى وظيفتها الجمالية والاستدلالية والإشارية التى يلوح بها على المعانى تلويحًا, ولكنها تختلف عنها فى بنيتها الأسلوبية.
ولغتنا الخالدة ثرية بمثل هذه المسكوكات الموروثة منذ العصر الجاهلى وصدر الإسلام, وظلت حية فى معظمها حتى اليوم، وقد استخدمها العرب فى لغة الحياة اليومية, لغة التخاطب, كما استعملها الكتاب والشعراء, قديمًا وحديثًا على السواء.
وقد جاءت هذه المسكوكات على هيئة تراكيب لغوية متنوعة, أو على هيئة مصادر سماعية أو دعائية, أو على صورة أسماء تحمل معنى الدعاء فعُوملت معاملة المصدر.
وعلى الرغم من أن الكثير من مثل هذه التعبيرات المسكوكة لا يزال حيًّا, فإن مبناها ومعناها, ربما كان خافيًا أو غامضًا لدى الأجيال الشابة التى كادت الصلة بينها وبين تراثها تنقطع، لذا؛ نعرض لبعضها الذي ما زال شائعًا حتى الآن وبيان معناها، فمن ذلك:

قَوْلُهُمْ: مَرْحَبًا وَأَهْلاً
قال الفراء: معناه رحب الله بك وأهلك على الدعاء له، فأخرجه مخرج المصدر فنصبه.
ومعنى رحب: وسع، وقال الأصمعي: أتيت رحبًا: أي: سعة وأهلاً كأهلك فاستأنس، ويقال: الرحب، ومن ذلك الرحبة سميت بذلك؛ لسعتها. وقال طفيل وبالسهب ميمون الخليقة قوله لملتمس المعروف: أهل ومرحب، وذكر ابن الكلبي وغيره أن أول من قال مرحبًا وأهلاً سيف بن ذي يزن الحميري لعبدالمطلب بن هاشم، لما وفد إليه مع قريش؛ ليهنئوه برجوع الملك إليه.

قَوْلُهُمْ: لبَّيْكَ وسَعْدَيْك
قال الفراء: معنى لبيك: إجابة لك، أي: جئتك ملبيا بطاعة وحب، قال: ومنه التلبية بالحج، إنما هو إجابة لأمرك بالحج، وثنى: يريد إجابة بعد إجابة، ونصبه على المصدر، وقال الأحمر: معناه الباب بك أي: إقامة ولزوم لك، وهو مأخوذ من قولك: لب بالمكان، وألب: إذا أقام به.
وقد حكى أبو عبيد عن الخليل أنه قال: أصله من البيت بالمكان، فإذا دعا الرجل صاحبه قال: لبيك، فكأنه قال: أنا مقيم عندك، ثم أكد ذلك بلبيك، أي: إقامة بعد إقامة
وسعديك: معناه أسعدك إسعادًا بعد إسعادٍ. قال الفراء ولم نسمع لشىءٍ من هذا بواحدٍ، وهو في الكلام بمعنى قولهم: حنانيك أي: حنانًا بعد حنانٍ،والحنان: الرحمة.
وقولهم: فلان يتحنن على فلان، أي: يرحمه، وهو في تفسير قول الله جل وعلا: {وَحَنَانًا مِن لَدُنَّا} [مريم13] أي: رحمة.

قَوْلُهُمْ: حَيَّاكَ الله وَبَيَّاكَ
من عبارات التحية والسلام عند عرب الجاهلية والاسلام، فأما حياك الله فإنه مشتق من التحية، والتحية تنصرف على ثلاثة معان؛
فالتحية: السلام ومنه قول الكميت:

ألا حييت عنا يا مدينا ... وهل بأس بقول مسلمينا

فيكون معنى (حَيَّاكَ الله): سلم الله عليك ..
والتحية أيضًا: الملك، ومنه قول عمرو بن معدي كرب:

أسير به إلى النعمان حتى ... أنيخ على تحيته بجندي

فيكون المعنى: ملكك الله.
والتحية: البقاء، ومنه قول زهير بن جناب الكلبي:

ولكن ما نال الفتى ... قد نلته إلا التحية

أي: إلا البقاء فيكون المعنى: أبقاك الله.
فأما (بَيَّاكَ) فإنه في ما زعم الأصمعي: أضحكك.
وقال الأحمر: أراد بوأك منزلاً، كما قالوا: جاء بالعشايا والغدايا للأزواج.
وقال ابن الأعرابي: بَيَّاكَ: قصدك بالتحية، وأنشد:

لما تبينا أخا تميمٍ ... أعطى عطاء اللحز اللئيم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير