تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معارضاً إيَّاهَا، قالت: صَهٍ ريثما أفرغ من كلامي أعرفُ ماذا تريد أن تقول تريد تفسيراً للربط بين الكلمتين ولماذا الناس يطلقون على الأخ الأكبر هكذا بصفة خاصة، الناس يا بُني كما يقول الله عز وجلّ (وإن تُطعْ أكثرَ مَن في الأرضِ يُضلوكَ عن سبيلِ الله)، فلا تأخذ عن أحدٍ إلا كلاماً يُفيدك ولا يضرك كما أن الطيّب الآن يحسبونه ويعدّونه كما وسمتَ أخاك، لأن الصالح الآن مُجرّد من كافة الحقوق، ومع هذا يَجب أن نعي ونستوعب كل ما يدور حولنا حتّى نصبح أشخاصاً صالحين، أعرفُ أنكَ لا تقصد، لهذا ابق مكانكَ ولا تعتذر، قال من أساء بلفظه في حق أخيه الأكبر: وما أدراكِ يا أمّاهُ أنّي هممتُ بتقبيل يديك وطلب العذر منكِ، قالت: لأنني علّمتكم أن الإعتذار عند الخطأ من شيم الرجال وليس ضعفاً لهذا خبرتُ أنكَ ستفعل لأنّ ما أقوله لكم يُنفّذ رغم أنّكم أحياناً لا تنفّذون كلّ شيء كالنوم المتأخر مثلاً وغيره الكثير، دعوكم من هذا لم لا يجاوبني أحدكم متى سيرجع أخوكم من عمله؟،

تجمّعوا حولها ثم قالَ أحدُهُم: قالَ إنّه لن يبيتَ الليلة هُنا سيستمر في العمل حتّى الصباح كي يذهب إلى سفارة الحجاز ليُنهي بعض الأوراق المتعلقة بالسفر، تذمرت وقالت: سفر مَن هل أتته (فيزة العمل) لخارج البلاد ولماذا بلاد الحجاز خاصة هو لم يقُل لي أنّه يشرع للعمل هُناك أو للسفر في هذه الأيام؟!!، يا الله وما العمل الآن، قالوا لها على استحياء فقد ارتسمت الأحزان على وجوههم نتيجة زعل بل وغضب والدتهم مما سمعت وعلمت منهم، أمي لا تحزني ربما ذهب لأمرٍ آخر ما أراد أن يحدّثك فيه خاصة أنّه أجرى اتصالاً هاتفياً معنا ووجدكِ نائمة وما أراد إيقاظك، ربّما أراد مفاتحتك في هذا لكن الفرصة لم تواته ليخبرك، ألم تُعلِّمينا يا أم أن نلتمس الأعذار لغيرنا خاصة إن كان مسلماً، وفي داعبة منهم أليسَ ابنكِ مسلماً يا أُمْ؟؟، أرادوا إخراجها من الهَمِّ الذي اعتراها، فقالت لهم بذهن شاردٍ، نعم يا أحبابي الحمدُ للهِ الذي خلقنا وخلقهُ مسلمين، ثم قامت ولم تقابل ثرثرتهم ببنت شفة إلا قائلة تصبحون على خير أطفأت المصابيح ومضت؛

صباح اليوم، حضرَ الابن الأكبر، (خبطة خبطتان) خفيفتان على باب والدته ظنّ أنها نائمة همّ في الانصراف فلا يريد إيقاظها، كانت تبكي ولم تَنم الليلة قط، مسحت دموعها سريعاً حتّى لا يراها وقالت بصوت أجش نتيجة البكاء، ادخل يا بُني تفضل تفضل أنا لستُ نائمةً،

قبَّلَ يديها ثم جبينها فقبلت جبينه، قالت محاولة الإدّعاء إنها لا تعرف أين كان تريد أن يُصرّح بنفسه فحاورته!!، مالَك يارجل أصبحتَ كثير الغياب عن البيت هذه الأيام حتّى أراكَ تبخل بالاتصال أو ترك خبرٍ لأمّك عن تحركاتك هل لأنّ شاربك وطول قامتك وعُمرك الذي أصبح في قمّة الشباب يرتع، هل لأجل هذا أعطيت الحق لنفسك أن تتخصص أكثر وتنفرد بأمورك أكثر؛ ابتسم وقال: لا والله يا أمي فديتكِ بروحي كلّ مافي الأمر أني ما ... ،وضعت يديها على فمه وقالت لا تكثر من الثرثرة أعرف ما ستقول قد أُخْبِرتُ به، الآن حدثني لماذا ذهبت لسفارة الحجاز وما تلك الأوراق التي بيمينك؟، قال إذن هو ذا الأمر الذي قد أجرى الدموعَ على خديك الطاهرين، قالت: وما أدراكَ أني كُنت أبكي يا ولد هل أصبحتَ منجماً!!، استغفرالله يا والدتي ولكن أذكر أنكِ ذاتَ يومٍ قرأتِ عليّ قصة فيها بعض العلامات التي يتركها البكاء على وجه الشخص الباكي، قالت: أمازلت تذكر تلك القصة وتفاصيلها إنها منذ زمن، قال: نعم أنا لا أنسى أيَّ أمرٍ يتعلق بمن أحب وأنتِ أمي دماكِ تجري في دمي ألمْ يَقُل الشاعر (أمي يا ملاكي يا حبي الباقي إلى الأبد،،ولا تزل يداكِ أرجوحتي ولا أزل ولد،،يرنو إليّ شهرٌ وينطوي ربيع،،أمي وأنتِ زهرٌ في عِطره أضيع)؛

ابتسمت وهي فرحة وتبدل حزنها وتبدد ثم قالت: كفّ كفّ يا ولد ما هذا أتتغزلني تعال هُنا وأصدقني القولَ ولا تتهرب من حديثنا، يحاول أن يللب دور الثعلب الماكر قال: أيّ موضوعٍ تقصدين يا سيدتي، وخزته وخزة حنونة وقالت: أنت تعرف جيداً عمّا أتحدث وكفاك مماطلة،

قال: اسمعي يا أمي أعرفُ أنكِ تذكرتِ أني سأسافر وأترككِ كما أعرفُ جيداً أنكِ لا تفضلين الغربة لا لي ولا لأحدٍ من أخوتي وأعرف مقولتك الشهيرة (لن يسافر أحدكم وأنا على قيد الحياة ويكفي أبوكم الذي ذهب ولم يعد)، وأعرف تماماً أنكِ تعرفين أني فكرتُ في هذا مراراً وتكراراً ولكن أتراجعُ نتيجة رفضك وإرضائك، قالت: إذن مادمتَ تعرف كل هذا لماذا تذهب للسفارات كما قالوا، قال: أمي خذي هذه الأوراق واقرئي ما هو مكتوبٌ فيها!!؛

فتحت المظروف وما إن قرأت أولى الكلمات ثم اختتمت كلمات بقيّة الأوراق إلا وعاد على وجهها البكاء من عينيها النجلاوين منهمراً كعين في جبل متعدد العيون، قال: أمي لم أسمع، أنتِ قرأتِ في سرّك أريد أن أسمع (دقّ الصغار) أذِنَ لهُم دخلوا على مقولة لم أسمع يا أمي أنتِ قرأتِ في سرّك، قالوا: حمداً لله على عودتك أيُها الأخ الأكبر لماذا تبكي أمي؟ سرعان ما بكوا هُم أيضاً، جلسَ في حيرة يُسكت مَن الأم أم الصغار!!، بدأ بالصغار فهم يبكون حزناً وليسَ فرحاً كأمهم، قال أحدهم: لن نسكت (إلا حينَ تفرح أمّي) ماذا حلّ بها يا أخي؟؟،

أنهت الأم تلك المهزلة وقالت: اسمعوا أنا لا أبكي حزناً إنما فرحاً والسبب في تلك الأوراق التي بين يدي، ظننتها أوراق سفر لولدي الأكبر وهي أوراق الحجّ إلى بيت الله حيث اللهُ أكبر، ما إن سمع الجميع هذا حتّى علت الأصوات بالمباركة والضحك وتغيّرت الأجواء، إلا الأخ الأكبر فبكى فسأله الأخ الأصغر لماذا تبكي ألستَ فرحاً يا أخي؟ (فالصغار لا يعرفونَ المشاعر غير المتباينة)، فابتسم وقال ممازحاً إيَّاه (لن أفرح إلا حين تفرح أمي).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير