فلا أنا مؤهل لأن أقود دولةً
ولا أنا لي رغبةٌ
في دور مستشارْ. (33)
وينتقد وسائل الإعلام في الدول العربية لأنها وجدت لكي تخدم الحكام يقول:
صحيفهْ ...
عليها سطور كثيفهْ
وفيها سطور كثيفهْ
وفيها خطوط .. وفيها صور
تروح وتأتي بنفس الخبرْ:
يعيش الخليفةُ .. يحيا الخليفهْ!. (34)
وعن طريق المفارقة يرى احمد مطر أن الوطن العربي محتل على الرغم من انه يتمتع بالاستقلال ولكن شاعرنا يرى أن هذا الاستقلال غير حقيقي فنحن أسرى في أوطاننا وذلك لارتباط الحكام العرب بالأجنبي يقول:
أيها الناس
لماذا تهدر الأنفاس، في قيل و قال؟
نحن في أوطاننا أسرى
على أية حالْ
يستوي الكبش لدينا والغزال ْ
فبلاد العرب قد كانت
وحتى اليوم هذا
لا تزالْ
تحت نير الاحتلالْ
من حدود المسجد الأقصى
إلى (البيت الحلالْ). (35)
ويسخر من الحكام المرتبطين بالاستعمار وكيف يتوصلون إلى كراسي الحكم بقوله:
بالتمادي
يصبح اللص بأوربا
مديراً للنوادي
وبأمريكا
زعيماً للعصابات وأوكار الفسادِ
وبأوطاني التي
من شرعها قطع الأيادي
يصبح اللصُّ
.. رئيساً للبلادِ. (36)
كما يحمل شاعرنا الحكام العرب وتفرقهم مسؤولية المصائب التي حلت في الوطن العربي ومنها احتلال لبنان عام 1982م بقوله:
قفوا حول بيروت
صلّوا على روحها واندبوها
وشدو اللحى وانتفوها
لكي لاتثيروا الشكوكْ
ورصّوا الصكوكْ
على النار " كي تطفؤها "!
ولكن خيط الدخان
سيصرخ فيكم: دعوها
ويكتب فوق الخرائب
…………
إذا دخلوا قريةً أفسدوها!. (37)
وعن الكرامة العربية المهدورة يقول احمد مطر:
في مقلب القمامهْ
رأيت جثةً لها ملامح الأعراب
تجمعت من حولها (النسور) و (الذباب)
وفوقها علامهْ
كانت تسمى سابق كرامهْ!. (38)
وعن الحرية المفقودة في الوطن العربي يقول:
لقد شيّعتُ فاتنة
تسمى في بلاد الغرب تخريبا،
وإرهابا
وطعنا في القوانين الإلهية.
ولكن اسمها
و الله
لكن اسمها في الأصل
.. حريهْ!. (39)
مما تقدم نخلص إلى القول: إن شاعرنا احمد مطر قد وقف موقفاً شجاعاً دافع عن أبناء أمته العربية وما يعانون من ظلم واضطهاد على أيدي الحكام المرتبطين بالأجنبي وكان ثمن ذلك أن عانى الشاعر الغربة القاتلة والضياع والتشرذم ولكنه لم ييأس و إنما قابل ذلك بالرفض والثورة بجرأة، فكان الهزء من الواقع العربي المتخلف شعاره لأن الوطن لا يباع ولا يبدل ويبقى الأوفياء من أبنائه يشتاقون إلى ثراه مهما ابتعدوا عنه.
السخرية من سياسة العرب تجاه فلسطين:
شكلت القضية الفلسطينية محوراً بارزاً في شعر شاعرنا، فقد عالجها في مواضع كثيرة ومن زوايا مختلفة وفضلاً عن تحديد أسباب النكبة أشار في اكثر من مرة إلى الآفاق التي يمكن من خلالها إعادة الوطن السليب، و يحمل الحكام العرب مسؤولية ضياع فلسطين لأنهم لم يحركوا ساكناً يقول:
يا قدس معذرة ومثلي ليس يعتذرُ
مالي يد في ما جرى فالأمر ما أمروا
وأنا ضعيفٌ ليس لي اثرُ
عار عليَّ السمع والبصرُ
وأنا بسيف الحرف انتحرُ
وأنا اللهيب .. وقادتي المطرُ
فمتى سأستعرُ؟!. (40)
ويبلغ به حد اليأس من هؤلاء الحكام إلى السخرية اللاذعة حيث ينظر اليهم وكانهم النساء لا نهم لم يدافعوا عن فلسطين يقول:
ضاع رجاء الرجاءْ
فينا ومات الإباءْ
يا أرضنا لا تطلبي من ذلنا كبرياءْ
قومي إحبلي ثانيةً
وكشِّفي عن رجلٍ
لهؤلاء النساءْ!. (41)
ويقف شاعرنا احمد مطر مخاطبا القدس ويعتذر منها لأن الشعب العربي لا يملك أمره و إنما الأمر بيد الحكام ولكن شاعرنا يمتلك الكلمة التي لا تقل تأثيراً عن الرصاصة المقاتلة:
يا قدس يا سيدتي .. معذرةً
فليس لي يدانْ
وليس لي أسلحة
وليس لي ميدانْ
كل الذي املكه لسانْ
والنطق يا سيدتي أسعاره باهضةٌ
والموت بالمجانْ. (42)
كما يسخر من السياسيين الذين يريدون عودة حقوقنا عن طريق هيئة الأمم المتحدة بقوله:
أسرتنا مؤمنةٌ
تطيل من ركوعها
تطيل من سجودها
وتطلب النصر على عدوها
من هيئة الأممْ!. (43)
لأنه يرى أن هيئة الأمم كانت هي السبب في ضياع فلسطين من خلال لجانها المختلفة يقول:
جاءت إليك لجنةٌ
تبيض لجنتين
تفقسان بعد جولتين عن ثمان
وبالرفاء والبنين
تكثر اللجان
ويسحق الصبر على أعصابه
ويَرتدي قميصه عثمان. (44)
¥