هَتَكَ العُهْرُ اليهوديُّ خشوعي
مِنْ رُواقٍ لرُواقْ
أشعَلوا ساحاتيَ الأخرى فُجُورا
وصفيراً ودَنَايا وسُفورا
دنَّسوا رُكنيْ ومِحرابي الطَّهورا
فأنا – اليومَ – أُعاني
بل أُعاني منذُ دهرٍ
أَلَمَ القهرِ أسيرا
لَمْ يَزَلْ قيديَ مشدودَ الوَثاقْ
أَوَ ما يَكفي نِفاقا ً؟
ضِقْتُ من هذا النّفاقْ
أرسِلوا ليْ من صلاحِ الدّينِ خيلاً
أرسِلوها من حِمى الشّامِ وَنَجْدٍ
مِنْ سرايا جيشِ مِصرٍ، أوْ عَرانينِ العِراقْ
تنشُرُ الهيبةَ للإسلامِ بالدّمِّ المُراقْ
منذُ دهرٍ لم تزُرنيْ هذِهِ الخيل العتاق
*******
ومتى يرسل الرد على هذا الخطابْ؟
*******
بعد هذه الجولة في معالم الركن الأول من تلك العتبة الأولى، والتي جمعنا من خلالها مجموعة ألفاظ في شكل حقل دلالي معنون بذلك الركن الأول من العتبة وهو "رسالة"، لنلحظ الخيوط التي نسجتها مع ما يحيط بها من ألفاظ ومفردات أخرى في السياق نفسه مما ساعدنا على تكوين فكرة عن طبيعة تلك الرسالة وعن وظيفتها .. كما أسهم ذلك في التعرف على طبيعة وكينونة المرسل، وتحديد هويته وماهيته، وتشخيص معاناته وآلامه وآماله ومساعيه للحصول على مبتغاه وتحقيق أهدافه، والخروج عن المألوف الممقوت الذي تصنعه الأيادي الأثيمة والعقول المكدرة والأنفس السكرى بحب الفانية ..
نعود مرة أخرى لرصد المكون الثاني للعتبة الأولى .. ذلك المكان الذي أصبح بمثابة كائن حي ينفعل ويفعل، يتألم ويأمل، يتوجع ويتوجس، يشكو ويتمنى، يُهدم ويُعدم ثم يحيا وينتقم، يحاور ويصور، يطرح ويناقش، يشتاق ويعاتب، يبين وينصح، يشخص الداء ويقترح الدواء، إنه المكان الكائن الحي .. رمز القداسة والكرامة والتضحية والمقاومة .. رمز التحدي والعنفوان والصمود والممانعة .. ثم هو هنا إضافة لما ذكر رمز الواعظ والمرشد والكاتب الناصح ..
ولقد جاء ذكره في المتن الشعري كما هو في العتبة "المسجد الأقصى" مرتبطا بدلالات عديدة وقضايا مختلفة وأمور متشعبة .. وذلك في مثل قول الشاعر:
يبحث القوم عن الهيكل في أوجاعنا
يحفرون المسجد الأقصى على أسماعنا
يستبيحون حمانا ودمانا
*******
يا أخي في الله، هذا المسجد الأقصى جريح
في سكون الليل –لو تسمع- كالطفل يصيح (رسالة من المسجد الأقصى)
*******
أخي في الله، أخبرني:
متى تغضب؟
إذا انتهكت محارمنا
إذا نسفت معالمنا
ولم تغضب
إذا افترست شهامتنا
إذا ديست كرامتنا
إذا قامت قيامتنا
ولم تغضب
فأخبرني: متى تغضب؟
إذا نكبت معاهدنا
إذا هدمت مساجدنا
وظل المسجد الأقصى
وظلت قدسنا تغصب
ولم تغضب
فأخبرني: متى تغضب؟ (رسالة من حراس الأقصى)
*******
أمن السياسة أن تكون قلوبكم
صخرا فلا تحنوا ولا تتألم؟
تتصنعون مع الشهيد تعاطفا
وعلى اليهود قلوبكم تترحم
ولقد علمتم بل رأيتم حالنا
ولهوتم وكأنكم لا تعلموا
أمن السياسة تلك أن تتفرجوا
والمسجد الأقصى يباح ويهدم؟ (قصيدة: من نحن؟)
كما ورد النعت فقط "الأقصى" وذلك في كثير من الأماكن نختار منها ما يلي:
أيها الأقصى لك الله فكم
تطلب النجدة مكلوما وكم
ما تنادي من بقايا جثث
جل من تدعو من الناس رمم
جلهم أسرى فروج وبطون
ولقم.
جُلُّ مَنْ ناديتَ لم يطرُقْهُ هَمْ
غيرُ همِّ الذاتِ لا شيءَ أهَمْ
عايَشَ الخوفَ من الخوفِ فَلَمْ
يستَسِغْ للمَجْدِ و العِزّةِ طَعْمْ
جُلُّنا أصبحَ من ذِلّتِهِ
رقماً يَنْضَمُّ في الطّرحِ إلى جّنْبِ رَقَمْ
جُلُّنا – يا أيها الأقصى – قَزَمْ
قبلَ ان يعرِفَ ما الحربُ وما السِّلْمُ
انهزم. (رسالة من المسجد الأقصى)
*******
أعيرونا وكفوا النصح
بالتسليم
نمقت ذلك النصحا
أعيرونا ولو شبرا نمر
عليه للأقصى
فلا نحتاج لا دمعا ولا
نوحا. (رسالة من حراس الأقصى)
*******
كما جاء تحت اسم "القدس"، وهنا يبرز "نشيد: القدس غضب" لكون هذه القصيدة وهي فعلا عبارة عن نشيد تخضع لمعاييره الأدبية .. تتردد فيها لفظة القدس باستمرار مما يجعلها تتجاوز مستوى اللازمة العادية المعروفة كتقنية في الأنشودة .. كما وردت لفظة القدس في صورة غريبة:
يا رجال البورصة السوداء في سوق السلام
سوقكم ذل على ذل تقام
تطرحون القدس للقسمة، هل
سخف الأمر إلى هذا المقام؟
¥