تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأنت تعني بسؤالك - حتى يستفيد من لا يستحضر الآيات موطن السؤال - محاولة التعرف على الحكمة من الاستطراد في أثناء ذكر قصة خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى ذكر أحداث الآخرة وهي قوله تعالى (باللون الأحمر تقريباً):

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (103) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (104).

في هذا الاستطراد للمفسرين قولان:

1 - أنه من كلام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقيل في توجيهه أنه استطراد منه عند ذكره ليوم القيامة لتحذير وتخويف قومه من سوء عاقبة كفرهم وضلالهم. والاستطراد فن من فنون القول يأتي لأغراض كثيرة.

2 - أنه ليس من قول إبراهيم وإنما هو من قول الله تعالى. وهذا الرأي ذهب إليه العلامة عبدالحق بن عطية الأندلسي رحمه الله. قال رحمه الله:

(وهذه الآيات من قوله تعالى: {يوم لا ينفع مال ولا بنون} [الشعراء: 88] هي عندي منقطعة من كلام إبراهيم عليه السلام وهي إخبار من الله عز وجل، تعلق بصفة ذلك اليوم الذي وقف إبراهيم عليه السلام عنده في دعائه أن لا يخزى فيه).

وقد استحسن ابن عاشور هذا الرأي لابن عطية فقال: (واستظهر ابن عطية: أن الآيات التي أولها {يوم لا ينفع مال ولا بنون} يريد إلى قوله: {فنكون من المؤمنين} [الشعراء: 102] منقطعة عن كلام إبراهيم عليه السلام وهي إخبار من الله تعالى صفة لليوم الذي وقف إبراهيم عنده في دعائه أن لا يُخْزى فيه اه. وهو استظهار رشيق فيكون: {يوم لا ينفع مال} استئنافاً خبراً لمبتدأ محذوف تقديره: هو يوم لا ينفع مال ولا بنون).

ولرأي ابن عطية رحمه الله وجاهته، حيث في الآيات ذكر لما يقوله أهل النار ويختصمون فيه وهذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وصيغة إيراده في الايات تدل على أنه من قول الله لا من دعاء إبراهيم والله أعلم. وإن كان يحتمل أن الله قد أطلع إبراهيم على ذلك فأورده في دعاءه.

هذا ما تيسر أخي العزيز في هذه العجالة، ولعله يظهر لمن يتدبر أكثر من المعاني ما لم يظهر في هذه الساعة والله أعلم بمراده سبحانه وتعالى.

ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[10 Oct 2008, 01:18 ص]ـ

الأخوة الكرام

اسمحوا لي أن أدلي بقول سمعته من أستاذي:

نلاحظ أن الله تعالى قد ذكر قصة موسى ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب، عليهم

سلام الله تعالى. وذكر أيضاً عاقبة أقوامهم في الدنيا قبل الآخرة. وكان دائماً يعقب

فيقول:"إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ".

أما في قصة إبراهيم عليه السلام فلم يذكر العقوبة الدنيوية وإنما ذكر العقوبة الأخروية

وختم بقوله تعالى:"إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ

الرَّحِيمُ". وهذا يشير إلى أن عقوبتهم الدنيوية لم تكن في حدة عقوبة الأمم الأخرى، بل

لم يصرح بها في القرآن كله، إلا:"جعلناهم الأسفلين"، "جعلناهم الأخسرين". يضاف

إلى ذلك ما ورد من ذكر (قوم إبراهيم) وتكذيبهم عند ذكر الأمم المكذبة.

وعليه نقول: يبدو أنهم قد عذبوا من غير استئصال كامل وأخرت عقوبة الكافرين منهم

إلى اليوم الآخر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير