[طبق جديد في سر حذف وزيادة وإبدال الواو في الرسم القرآني]
ـ[العرابلي]ــــــــ[25 Oct 2008, 05:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[طبق جديد في سر حذف وزيادة وإبدال الواو في الرسم القرآني]
قد بينا في لوحة مفاتيح معاني الحروف الهجائية؛ أن استعمال الواو في الإشارة إلى الباطن والداخل وبينا قوة هذه الإشارة إلى الباطن والداخل في الجذور التي بدأت بحرف الواو.
واليوم نكمل الأبحاث التي سننشرها عن حرف الواو الذي اخترنا الابتداء به من بين الحروف الهجائية؛ لسعة استعماله في الجذور والنحو وتأثره بالرسم القرآني.
من قواعد الرسم القرآني (العثماني)؛ الحذف
شمل الحذف في القرآن الكريم خمسة حروف هي؛ ا، و، ي، ل، ن
ووقع الحذف للواو في آخر كلمات وفي وسط أخريات
أ - حذف الواو آخر الأفعال
قال تعالى: (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) الرعد
قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24) الشورى
اختلف المحو في الآيتين؛ فالمحو في الأولى هو لما عند الله تعالى، ومتعلق بنفسه وذاته، لذلك حسن إثبات الواو لأن في الإثبات إشارة إلى ذات وإرادته وما عنده.
والحذف في الثانية: كان للباطل؛ وهو بعيد عن الله تعالى وذاته وما عنده، ومتعلق بما عند الناس؛ فحتى لا يكون هناك إشارة إلى ذات الله تعالى، وهو منزه عن الباطل وكل عيب ونقص؛ حذفت الواو لأن الفعل لله تعالى، فكان التنزيه لله تعالى حتى في الرسم القرآني.
وعندما تدعو أحدًا من الناس إنما تدعوه لنفسك، أو للدخول في بيتك، أو الدخول في شأن تدعوه إليه، وكانت الواو في تركيبة هذا الفعل (يدعو) لتشير إلى ذلك؛ فأثبتت الواو في القرآن لدلالتها إلى ما تشير إليه.
ولكن الواو حذفت في ثلاث مواضع لاختلاف الدلالة؛
قال تعالى: (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11) الإسراء
وقال تعالى: (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) القمر
وقال تعالى: (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) العلق
في الآية الأولى: يحدث التباس عند بعض الناس؛ كيف يدعو الإنسان بالشر والخير لنفسه؟! فلما حذفت الواو؛ دل حذفها على أن دعاء الداعي بالشر لغيره وليس لنفسه، لذلك حذفت الواو لبيان ذلك، وإن كان الشر يعم فيلحق الداعي له منه نصيب.
وفي الآية الثانية: فالداعي هم الملائكة، ولا يدعون الناس لأنفسهم إنما يدعوهم للحساب والعقاب؛ لذلك حذفت الواو لما لم يكن لها دلالة في دعاء الملائكة لهم.
وفي الآية الثالثة: يدعو الله تعالى الزبانية للكافرين ليأتوا بهم أو يعذبوهم، وليست دعوة الزبانية لنفسه سبحانه وتعالى؛ لذلك تم حذف الواو كذلك لما لم يكن لها دلالة في دعائه تعالى للزبانية.
ب- حذف الواو علامة الرفع في جمع المذكر السالم
قال تعالى: (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) التحريم.
استعملت الواو في اللغة العربية كاسم يفيد الجمع؛ ولم يكن الوجود في مكان واحد وزمان واحد؛ شرطًا لأن يعد الأفراد جمعًا، لذلك أضيفت النون التي تفيد النزع بعد الواو؛ لبيان هذا الوضع، وأن الجمع لا يجعلهم قطعة واحدة؛ ولو كان جمعهم في مكان واحد وفي زمن واحد.
ولا مكان للنون في الفعل الماضي مع واو الجمع، لأن الفعل انتهى وأصحابه قد تفرقوا، فاستبدلت النون بألف الانفصال الأكثر تمثيلا للواقع من النون، بالإضافة إلى إشارة الألف لاختلاف درجات ومراتب أفراد الجمع في الفعل ... والتفاصيل ستذكر في مكانها فيما بعد إن شاء الله تعالى.
أما استعمال الواو للدلالة على الرفع في جمع المذكر السالم للأسماء الدالة على الصفات؛ فهو للدلالة على اجتماع حاملين هذه الصفة عليها، وقيامها فيهم، ومرتبطة بأنفسهم المستبطنة فيهم.
وكلمة (صالح)؛ أصلها في أحد الرأيين صالحون؛ جمع (صالح)، وليس لفظًا مفردًا، حذفت فيه النون للإضافة، ثم حذفت الواو رسمًا ... ولذلك أدخلت كإحدى الأمثلة على حذف الواو.
¥