تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[خطأ يقع فيه البعض عند إيراد شواهد اللغة]

ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[08 Oct 2008, 02:16 ص]ـ

شواهد اللغة من شعر العرب مهمة للغاية لعظم فائدتها، فهي ديوان العرب كما يروى عن ابن عباس ومن خلالها تفهم المعاني والاستعمالات ولو أردنا الإطالة في بيان هذا الأمر لتطلّبنا الأيام تلو الأيام. عند إيراد بعض الشواهد يعمد بعض طلبة العلم إلى أي بيت من بيوت الشعر للشعراء المحتج بهم ويحاول أن يجد الكلمة التي يريدها كشاهد، فإن وجدها أورد الشاهد فوراً، وهذا لا يكفي. فمثلاً، في قوله تعالى ((أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)) كلمة "تجلهون" من جهل يجهل جهلاً يمكن أن نورد لها شاهدين:

الأول: سلي إن جهلتِ الناس عنا وعنهم = = فليس سواءً عالم وجهول

والثاني:

أقول له إذا ما جاء مهلاً = = وما مهلٌ بواعظة الجهول

هنا لا يكفي - بمجرد أن تظفر بأحدهما - أن تورده كشاهد. ينبغي أن تتأكد أن هناك تناسب لأن الجهل له معنيان مشهوران: الأول بمعنى الطيش والسفه وخفة الأحلام ونحو ذلك والثاني بمعنى عدم العلم (أو الجهل البسيط)، ولو تأملنا سياق الآية لوجدنا أنها أقرب للمعنى الأول من الثاني. فأي الشاهدين أعلاه هو الأنسب؟ الشاهد الثاني هو الأنسب وأما الشاهد الأول فقوله "جهلتِ" وقوله "عالم وجهول" تدل على أن المراد ليس معنى الطيش والسفه وإنما معنى العلم من عدمه. وأما الشاهد الثاني فقوله "واعظة" وكذلك المعنى العام للسياق (عجلة وتهور المُخاطب وأمره بأن يتمهل) ينسجم مع معنى "الجهل" في الآية التي تصف حال قوم لوط.

ومما يقرب من هذا أيضاً قول الشاعر:

ألا لا يجهلن أحد علينا = = فنجهل فوق جهل الجاهلينا

ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[08 Oct 2008, 02:22 ص]ـ

كذلك ينبغي التنبيه على أن الأوزان تؤثر في افتراق المعاني: فـ "جهول" صيغة مبالغة - وإن كانت تتضمن معنى "جاهل" - تعني: كثير الجهل.

ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[08 Oct 2008, 03:15 ص]ـ

جزاك الله خيراً , وهذا من صلب الباب ومحله هناك (الملتقى العلمي).

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Oct 2008, 02:15 ص]ـ

بارك الله فيكم يا أبا ضياء على فوائدك المتتابعة لا عدمناها.

ولكن ملحوظتكم هذه ليست أمراً شائعاً، حتى إنه - برأيي- من الكثير أن تقول: (بعض طلبة العلم) لقلة من يعنى بذلك أصلاً في وسط طلبة العلم. فالاستشهاد بالشواهد الشعرية في التدريس قليلٌ جداً بحسب علمي المتواضع، هذا أولاً.

الأمر الثاني أنَّ السياق الذي يرد فيه الاستشهاد - كما تفضلتم - هو الذي يحدد الشاهد المناسب، فمثلاً إن كان المقصود في مثالكم السابق بيان أصل معنى الجهل في اللغة ودلالته فالشواهد التي تفضلتم بها مناسبة، وإن كان معنىً خاصاً من معاني الجهل فلا شك أن حسن اختيار الشاهد دليل على معرفة المستَشهِدِ بما يقول، ولو تتبعت أخطاء الاستشهاد بالشعر في الجوانب العلمية لكان حديثاً عذباً، ولكن لو كان في الوقت فُسحة!

ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[11 Oct 2008, 06:29 ص]ـ

جزاك الله خير الجزاء، ومنتدى التفسير حري بالفوائد لحرص القائمين على نشر الفائدة وتعميم النفع. وماذكرتم من قلة من يعتني بالشواهد يعبر عن ظاهرة غير صحية في منهجية طلب العلم، لأنه لا يكاد يعتني باللغة والشواهد إلا الراغب في التأصيل والعمق. أسأل الله أن يوفقنا جميعا لأنفع العلم والعمل.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير