تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يخسر عمره إذ لو كان مقدراً له أن يعيش سبعين سنة فإنه يخسر سنة منها كلما عاش سنة ويخسر شبابه ويخسر قوته ثم ينتهي بمرور الزمان إلى الموت فيخسر كل شيء حتى الحياة ولا يبقى له إلا الإيمان والعمل الصالح.

فالإيمان كما أفهم يتعلق بصحة المذهب والعمل الصالح يتعلق بالتطبيق والمعنى أن على الإنسان الذي يريد اجتناب الخسارة أن يبني مذهبه في الحياة على معرفة الحق من الباطل ويؤمن بالحق وحده فيكون صحيح النظر والفكر وأن يطبق الحق الذي عرفه وآمن به على حياته.

وهذا دستور شامل لحياة الفرد العقلية والعملية ومن عرف الحق وعمل به فقد بلغ أعلى درجات الكمال.

وفي الآية التالية دستور لحياة الجماعة فلا يكفي أن يعرف الفرد الحق في نفسه بل ينبغي أن يوصي غيره به ويدله عليه، ولا يكفي أن يعمل به وحده بل لا بد من التواصي على العمل الجماعي والصبر على مشاق هذا العمل.

وهنا تعليقات ثلاثة لابد منها: الأولى:

أن القسم من الناس لا يكون إلا بالله، لايجوز لهم الحلف بغير الله أصلاً لأن هذا الحلف يدل على التعظيم المطلق والعبادة.

أما قسم الله في القرءان بأشياء مخلوقة (والعصر، والضحى، والليل، والسماء. .) فهو للدلالة على مزايا فيها ولفت الأنظار إليها.

الثانية:

أن أولى الحقائق التي ينبغي أن يؤمن بها الإنسان لينجو في الآخرة هي وجود الله وأن له وحده الخلق وله الأمر وهو المخصوص بالعبادة، ثم التصديق برسالة محمد صلى الله عليه وسلم والعمل بها.

الثالثة:

أن الصبر على أنواع منها الصبر على المصيبة. والدنيا مملوءة بالمصائب ولا ينجو أحد من نكبة في صحة أو مال أو موت أو فقد قريب، ولا عزاء عنها إلا بالتواصي بالصبر وذكر ثواب الله للمصلين، ولعله إذا اطلع على ماأعد الله له فرح بالمصيبة، كمن يذهب ماله أو يخرب بيته في زلزال أو حريق فإذا عوضته الحكومة ثمنه أضعافاً فرح بذهاب المال وخراب الدار.

والصبر على ألم الطاعة، فمن ترك فراشه الدافئ وقام إلى صلاة الصبح في ليالي الشتاء يتألم، ومن حمل الجوع والعطش في أيام الصيف في رمضان يتألم، ومن قهر نفسه على إخراج الزكاة يتألم، ولكنه إذا ذكر ثواب الله وصبر النفس تحول هذا الألم لذة.

والصبر عن المعاصي، وهذا أصعب أنواع الصبر وهو الامتناع عن لذة المعصية مع القدرة عليها، كالموظف الذي يرى زملاؤه يرتشون ويسرقون وهو يقدر على ذلك ولكنه يمتنع عنه ويصبر نفسه، والشاب الذي يرى التبرج والإغراء ويسمع من إخوانه أحاديث مغامراتهم الغرامية ولكنه يمتنع عن مجاراتهم خوفاً من الله ويصبر نفسه، إن الله يظله بظل العرش يوم الموقف الأكبر يوم لايجد الناس ظلة ولا وقاية من أمر الله.

المرجع السابق ص 82 ـ 84.

هذا ماوقفت عليه في كتب الشيخ رحمه الله من تفسيره لسور كاملة.

أما تفسير الآيات المتناثرة من كتبه فقد جمعتها من جميع كتبه وليس هذا المقام مقام إطالة وإلا أوردتها فيكتفى بما سبق والحمد لله على وافر فضله وترادف مننه.

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Oct 2008, 07:58 ص]ـ

جزاك الله خيراً أخي العزيز فهد الجريوي ووفقك لكل خير، وأحسن إليك كما أحسنت إلينا بنقل هذه الخواطر التفسيرية التي تركها ذلك الأديب الكبير والمربي القدير رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. وهي - على وجازتها - تشير إلى أسلوب تربوي في التفسير يجمع بين السهولة والعذوبة، واستثمار الآيات لتربية النفس الإنسانية وتذكيرها.

ـ[مرهف]ــــــــ[17 Oct 2008, 08:07 ص]ـ

رحم الله الشيخ علي الطنطاوي وجزاك الله خيراً على هذا الجمع أخانا الكريم فهد.

هذه عادة الشيخ رحمه الله في المنهج التربوي والإصلاحي في نقاشه ومحاضراته وكتاباته والآن في تفسيره.

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[17 Oct 2008, 09:34 ص]ـ

بارك الله فيك ولك أخي الفاضل فهد على هذه الهدية الرائعة لعالم فاضل تربينا جميعاً على علمه الغزير وأسلوبه الميسر ووجهه الطيب الذي يشيع إيماناً ونوراً وبارك لنا في الأخ الفاضل الدكتور عبد الرحمن الشهري لطلب هذا منك وهو سباق للخير دائماً فجزاكم الله عنا كل خير ونحن بانتظار المزيد إن شاء الله تعالى ولعل الدكتور عبد الرحمن يثبت هذا الموضوع حتى لا يضيع بين المواضيع الأخرى.

ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[17 Oct 2008, 10:16 ص]ـ

جزاك الله خيراً ورحم الله الشيخ علي الطنطاوي .. والحقيقة أننا ينبغي أن نقف مع طريقة الشيخ رحمه الله في الإلقاء، وأبرز ما يتميز به الشيخ في ذلك التلقائية وعدم التكلف، لذا كانت دروسه أو كلماته محل القبول والإعجاب من الجميع، فليتنا نعود لذلك المنهج الجميل في عرض الأفكار في برامجنا الإعلامية ..

ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[17 Oct 2008, 02:01 م]ـ

الشيخ عبدالرحمن وفقك الله لا يفي السطر بما في الصدر ومحبتكم يضيق عنها الشعر.

فلو أنني بجميع البحور وصفت لكنت على الساحل.

الشيخ فهد ومرهف بارك الله فيكما وأحسن إليكما.

الأخت الفاضلة سمر جزاك الله عني ما تحبين وشكر الله لك إحسان الظن.

وأبشركم جميعا أني سأنزل قريبا التفسير الكامل للشيخ الطنطاوي من جميع كتبه في ملف متكامل وأسأله سبحانه أن ينفعنا وإياكم بما كتب وقال والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير