تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما التعريف الاصطلاحي للحوار فقريب من معناه اللغوي، وقد عُرّف بأنه:» مراجعة الكلام بين طرفين أو أكثر دون وجود خصومة بينهم بالضرورة «[14]، وعُرّف بأن الحوار:» مناقشة بين طرفين أو أطراف، يُقصد بها تصحيح كلام، أو إظهار حجة، وإثبات حق، ودفع شبهة، ورد الفاسد من القول والرأي «[15].

ومما قيل في تعريف الحوار:» إنه محادثة بين شخصين أو فريقين حول موضوع محدد، لكل منهما وجهة نظر خاصة به، هدفها الوصول إلى الحقيقة، أو إلى أكبر قدر ممكن من تطابق وجهات النظر، بعيدا عن الخصومة أو التعصب، بطريقة تعتمد على العلم والعقل، مع استعداد كلا الطرفين لقبول الحقيقة، ولو ظهرت على يد الطرف الآخر «[16].

ويتبين من هذه التعريفات أن» المحاورة هي تجاذب الكلام بين المختلفين، وما أضافه العلماء في تعريفه من شروط إنما هي ضوابط أخلاقية يفترض توفرها في الحوار ليكون مثمرا ومجديا «[17].وقيل:» الحوار هو تبادل المعلومات والأفكار والآراء، سواء كانت تبادلا رسميا أم غير رسمي، مكتوبا أم شفويا، وينعقد الحوار بمجرد التعرف على وجهات نظر الآخرين وتأملها وتقويمها والتعليق عليها ... «[18].

ويمكن أن نعرف الحوار بأنه» تبادل للرأي والفكر بين طرفين أو أطراف وفق ضوابط محددة لدوافع وأغراض مختلفة «.

مصطلحات

ثمة مصطلحات قريبة من الحوار، مثل "الجدل" و"المناظرة" و"المحاجة" و"المناقشة" و"المباحثة"، وقد تستخدم بعض هذه المصطلحات مكان الحوار أو في معناه الاصطلاحي، وقد فرق بعض أهل العلم بين الحوار وهذه المصطلحات.

الجدل:

قيل في تعريف الجدل إنه:» إظهار المتنازعين مقتضى نظرتهما على التدافع والتنافي بالعبارة أو ما يقوم مقامها من الإشارة والدلالة «[19].وعرف ابن منظور الجدل بمعنى المخاصمة والمناظرة قائلا:» الجدل مقابلة الحجة بالحجة، والمجادلة: المناظرة والمخاصمة «[20] ومما قيل في تعريف الجدل إنه:» دفع المرء خصمه عن إفساد قوله بحجة أو شبهة «[21].

وقد ورد لفظ الجدل في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهو قد يكون محمودا، وقد يكون مذموما، والمحمود فيه مرادف للحوار أو قريب منه، ومن ذلك قوله عز وجل: ?وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ? [22] وأيضا قوله تعالى: ?قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ? [23]، وقد فُسرت المجادلة بالمراجعة [24] وهي المحاورة، وبهذا المعنى» الجدال صورة من صور الحوار، وقد أمر بها الله ورسوله ... «[25].

المناظرة:

والمناظرة أيضا صورة من صور الحوار، وهي تفيد النظر والتفكر والبحث عن الحق عبر المحادثة وتبادل الرأي مع الآخرين؛ ولذلك عرفها الجرجاني بأنها:» النظر بالبصيرة من الجانبين في النسبة بين الشيئين إظهارا للصواب «[26.

وعرفها الشيخ محمد الأمين الشنقيطي بقوله:» المحاورة في الكلام بين شخصين مختلفين يقصد كل واحد منهما تصحيح قوله وإبطال قول الآخر، مع رغبة كل منهما في ظهور الحق «[27].

القرآن الكريم والحوار مع الآخر

وقد حث القرآن الكريم في آيات كثيرة على الحوار الهادف البناء مع غير المسلمين، خاصة أهل الكتاب، لبيان الحق وإزالة الإبهام والغموض حول القضايا المختلفة فيها.

قال تعالى: ??قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ? [28] فهذه الآية الكريمة ونظائرها تشكل الأرضية الصلبة التي يمكن تأسيس الحوار عليها للوصول إلى الحق.

ومن يتدبر الآيات القرآنية المتعلقة بالحوار يجد بكل وضوح أن القرآن الكريم قد تناول القضايا الأساسية في الحوار، مثل: أسباب الحوار ودوافعه وأغراضه وأنواعه، وأصناف المحاورين، وأخلاقيات الحوار ودائرته وأصوله وضوابطه، وما إلى ذلك، ومن يتأمل تلك الآيات يخرج برؤية قرآنية واضحة حول الحوار.

لماذا الأصول؟

ولمعرفة أصول الحوار وضوابطه أهمية كبيرة؛ لأن هذه الأصول هي التي تضبط مسار الحوار وتوجهه نحو الوصول إلى الهدف المنشود، ولذلك كان الواجب على كل محاور مسلم أن يكون على معرفة بها ويجعلها نصب عينيه حينما يدخل في الحوار مع الآخر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير