تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2. الربا من أسباب البطالة:-

يتسبب الربا في انتشار البطالة، وذلك لأن أصحاب الأموال يفضلون أموالهم بالربا على استثمارها في إقامة مشروعات صناعية أو زراعية أو تجارية، وهذا- بالتالي- يقلِّل فرص العمل، فتنتشر البطالة في المجتمعات التي يسود فيها التعامل الربوي، ويؤكد هذا ما نشاهده من معاناة الدول الغربية من مشكلة البطالة رغم تقدُّمها فنياً وتطورها في الصناعة…

وتبذل حكومات تلك الدول الجهد لتشغيل الناس والسيطرة على مشكلة مع إبقاء سبيلها؟ وقد بَيَّن علماء الغرب الارتباط الوثيق بين البطالة والتعامل الربوي، يقول أحدهم: (من مصلحتنا أن نخفض سعر الربا إلى درجة يتمكن من تشغيل الناس جميعاً) ([10]). ([11]).

3. التضخم:-

التضخم يقصد به: وجود اتجاه صعودي في الأثمان بسبب وجود طلب زائد أو فائض بالنسبة إلى إمكانية التوسع في العروض.

والتضخم له أسباب طبيعية وأسباب غير طبيعية، ومن الأسباب غير الطبيعية الربا، فالمرابي بما يقرضه من فائدة مرتفعة يجبر أصحاب السلع والخدمات على رفع أثمان هذه السلع والخدمات، ولا شك أن التضخم يسيء إلى الناس كثيراً خاصة أصحاب الدخول النقدية الثابتة كالموظفين والعمال، ومن ثمَّ تنخفض دخولهم الحقيقية، وإذا اضطرت الحكومات إلى مواجهة الأمر برفع دخول الموظفين والعمال فالملاحظ أن تقرير الزيادة لا يتم بسرعة وفي الوقت المناسب، ولذلك يجب أن يعمل المفكرون ورجال السياسة والاقتصاد على محاربة التضخم، خاصة ذلك النوع الذي يُسمِّيه الاقتصاديون بالتضخم الجموح والذي ترتفع فيه الأثمان ارتفاعاً غير طبيعي، ومن أعظم الأسباب التي تؤدي إليه الربا، فمنعه إنما هو علاج لمرض خطير ([12]).

4. الربا يسبب شقاوة المقترضين لحاجاتهم الشخصية:-

يبدو أن النظام الربوي يساعد المقترضين، حيث يتمكنون من تلبية حاجاتهم بالمال الذي ينالونه بالقرض، لكن إذا نظرنا إلى ما يترتب على هذا الاقتراض وجدنا أنه سبب دمارهم وشقاوتهم،…. إنَّ نسبة الربا التي يتقاضاها المرابون من هؤلاء عالية جداً … ونتيجة لذلك، إذا وقع أحدٌ فريسةً للمرابين، فلا يكاد يخرج من شباكهم، يدفع المقترض ربا الدَّين، في كثير من الأحيان أكثر من أصل الدَّين، في حين يبقى الدَّين في ذمته كاملاً غير ناقص، وقد قيل عن حالة المدين المزارع في الهند:- (يولد الفلَّاح وهو مدين، ويعيش وهو مدين، ويموت وهو مدين) ([13]).

وقد بين هذا علماؤنا قبل الغرب أثناء ذكرهم حكمة تحريم الربا، يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله- أثناء بيانه حكمة تحريم ربا القروض:- (فأما الجلي فربا النسيئة، وهو الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، مثل أن يؤخر دينه ويزيده في المال وكلما أخره زاد في المال، حتى تصير المائة عنده آلافاً مؤلفة، وفي الغالب لا يفعل ذلك إلا معدم محتاج، فإذا رأى أن المستحقَّ يؤخر مطالبته، ويصبر عليه بزيادة يبذلها له، تكلَّف بذلها ليفتدي من أسر المطالبة والحبس، ويدافع من وقت إلى وقت، فيشتد ضرره، وتعظم مصيبته، ويعلوه الدَّين حتى يستغرق جميع موجوده، فيربوا المال على المحتاج من غير نفع يحصل له، ويزيد مال المرابي من غير نفع يحصل منه لأخيه، فيأكل مال أخيه بالباطل، ويحصل أخيه على غاية الضرر، فمن رحمة أرحم الراحمين وحكمته وإحسانه إلى خلقه أن حرم الربا) ([14]).

5. منع الربا من الاستثمار في المشروعات المفيدة للمجتمع:-

يجد صاحب المال في النظام الربوي فرصة للحصول على نسبة معينة من الربا على ماله، وهذا يصرفه عن استثمار ماله في مشروعات صناعية وزراعية وتجارية مهما كانت مفيدة للمجتمع، إلا إذا اعتقد حصول نسبة ربح أكثر من تلك المشروعات من نسبة الربا، وقد لا يرغب مع ذلك في تلك المشروعات، حيث إنها تتطلب بذل الجهد واستعداداً لتحمل الخسارة، في حين يتمكن فيه صاحب المال من الحصول على الربا بدون مشقة ومخاطرة، وقد بَيَّن العلماء هذه الحقيقة أثناء ذكرهم حكمة تحريم الربا، يقول الفخر الرازي:- (قال بعضهم: الله تعالى إنما حرم الربا من حيث إنّه يمنع الناس عن الاشتغال بالمكاسب، وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بواسطة عقد الربا من تحصيل الدرهم الزائد نقداً كان أو نسيئة، خفَّ عليه اكتساب وجه المعيشة، فلا يكاد يتحمَّل مشقة الكسب والتجارة والصناعات الشاقة) ([15]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير