فهمت من موضوعك هذا وموضوعك الآخر عن وصف موسى ويوسف عليهما السلام أن سؤالك ليس من باب الاستفهام وإنما من باب عرض ما فهمتَه في الموضوع.
فهل أنا محق؟
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[16 Nov 2008, 11:11 م]ـ
بارك الله فيك
وهو من باب معرفة آراء إخواني المتدبرين في آي القرآن العظيم، فرأي الدكتور السامرائي إضافة جديدة في معلوماتي جزى الله تعالى الناقلة خيرا.
وفي البحث عن تعليل لحذف لام التوكيد من قوله تعالى جعلناه أجاجا، وجدت كلاما نفيسا لشيخ الإسلام بالمغرب كما لقبه الحافظ ابن حجر، ومجدد دين الأمة على رأس القرن الثامن كما عده الحافظ السيوطي في منظومته المخصصة لذكر المجددين: الإمام ابن عرفة الورغمي، فقد سأله أحد الطلبة هذا السؤال في الديار المصرية عند مروره بها لأداء مناسك الحج، فأجاب قائلا: إن إنبات الزرع فيه للخلق تسبب وكسب، وإنزال الماء من السماء لا تسبب لهم فيه بوجه، بل هو من فعل الله تعالى فقط. والعادة متقررة بأن إفساد الإنسان شيئا عمله هو ونقله من حالة إلى حالة أخرى أهون عليه وأيسر من إفساده شيئا عمله غيره مستقلا أو شاركه غيره في عمله، فلذلك أكّد جعل الزرع حطاما باللام، ولم يؤكد بها جعل الماء أجاجا؛ تأكيدا لكمال قدرة الله تعالى وأنه لا يعجزه شيء. اهـ.
قلت: والحاصل أن فائدة لام التوكيد رفع ما يمكن أن يتوهمه الإنسان من أن سائر أفعاله الكسبية من حرث الأرض وتهيأتها للإنبات واستخدامه لذلك جميع الوسائل المتاحة سواء القديمة أو العصرية المتطورة ووسائل الري كذلك، قد تمنع الباري تعالى من جعل جميع جهودة هباء منثورا بجعل الحرث حطاما، وأن ترتب الأسباب والمسببات قد يحول دون ذلك أيضا، فحسن التنبيه بلام التوكيد على فساد ذلك التوهم، وأن ما يظن من الأسباب العادية مانعا لنفوذ قدرة الله تعالى على جعل الحرث حطاما ما هي إلا من أفعال الله تعالى؛ إذ العادة فعله، وترتيب الأسباب على المسببات أمره التكويني، وكما رتب سبحانه وتعالى بحكمته إنبات الحرث مع توفر الشروط العادية من الماء وغيره فهو قادر على ترتيب تحطمه مع توفر نفس تلك الشروط، بله على تعطيل تلك الأسباب بإمساك السماء عن الإمطار وجعل الماء غورا فتنعدم الشروط العادية للإنبات واكتمال الحرث فيصير حطاما. أما نزول الماء العذب الفرات من المزن فالإنسان يعلم يقينا أنه لا تسبب له ولا كسب في ذلك، فنزوله على تلك الحالة أو غيرها هو من محض إرادة الله تعالى ظاهرا وباطنا، فلا حاجة لتأكيد الاقتدار على إمكان جعله أجاجا. والله تعالى أعلم.
وللزمخشري أجوبة أخرى لمن أراد مراجعتها ..
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[20 Nov 2008, 12:18 ص]ـ
أسباب الحياة على الأرض ثلاث، الهواء والماء والطعام
الهواء لا سلطان لأحد عليه في صنعه وتركيبه وسيره إلا لله جل في علاه، ولو ملكه الناس لقتل بعضهم بعضا عند أول خلاف.
أما الماء فسلطان الإنسان عليه بالبحث والتنقيب والتخزين، أما الصنع والتركيب والكمية والهطول فذاك مملوك لله وحده.
أما الطعام فسلطان الإنسان فيه كبير إلى حد ما، فهو يحرث الأرض ويزرعها ويسقيها ويتعهدها ويحصد زرعها ويعمل على حفظه وتخزينه كما أنه يتفنن في أنواع الأطعمة، كل هذا قد يغري الإنسان أنه بمجهوده وحده أثمر الزرع وزاد الحصاد وبقي في خزائنه وأنه تفنن في ألوان صناعته غذاءً له ولغيره.
ولذا لا يباع الهواء ولا يشترى
أما الماء فقيمة بيعه هي قيمة خدمة وصوله إلى المنازل، والمياه المعدنية مثلا الثمن فيها قيمة القارورة والجهد المبذول في استخراج مائها.
بخلاف الطعام فالثمن فيه يحسب منذ أن كان بذرة والأرض فضاء إلى أن أصبح طعاما سائغا للآكلين.
لذا لزم التوكيد في شأن الطعام دفعا لتوهم الجاحدين من كفار ومعاندين أنهم بقدرتهم أنتجوا هذه المأكولات، وترتيب القرآن بحكمة في ورود آية الماء عقب آية الطعام وكأن الرحمن سبحانه وتعالى ينبه السامع أنه إن كان له سلطان ما في شأن الطعام، فلا سلطان للإنسان على الماء إلا ما كان من تخزين ما رزقه الله به، فلا أحد يعلم نزول الغيث الذي هو مصدر الماء الذي يخرج به الطعام إلا الله تعالى.
¥