تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإما أن لا يظهر الارتباط بل يظهر أن كل جملة مستقلة عن الأخرى وأنها خلاف النوع المبدوء به، فإما أن تكون معطوفة على الأولى بحرف من حروف العطف المشركة في الحكم أولاً، فإن كانت معطوفة فلا بد أن يكون بينهما جهة جامعة على ما سبق تقسيمه كقوله تعالى يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرف فيها} وقوله (والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون} للتضاد بين القبض والبسط والولوج والخروج والنزول والعروج، وشبه التضاد بين السماء والأرض.

ومما الكلام فيه التضاد ذكر الرحمة بعد ذكر العذاب والرغبة بعد الرهبة، وقد جرت عادة القرآن إذا ذكر أحكاماً ذكر بعدها وعداً ووعيداً ليكون باعثاً على العمل بما سبق ثم يذكر آيات توحيد وتنزيه ليعلم عظم الآمر والناهي.

وتأمل سورة البقرة والنساء والمائدة تجده كذلك، وإن لم تكن معطوفة فلا بد من دعامة تؤذن باتصال الكلام، وهي قرائن معنوية تؤذن بالربط، وله أسباب:

أحدها: التنظير، فإن إلحاق النظير بالنظير من شأن العقلاء كقوله (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق. عقب قوله أولئك هم المؤمنون حقاً فإنه تعالى أمر رسوله أن يمضي لأمره في الغنائم على كره من أصحابه كما مضى لأمره في خروجه من بيته لطلب العير أوللقتال وهم له كارهون، والقصد أن كراهتهم لما فعله من قسمة الغنائم ككراهتهم للخروج، وقد تبين في الخروج الخير من الظفر والنصر والغنيمة وعز الإسلام، فكذا يكون فيما فعله في القسمة فليطيعوا ما أمروا به ويتركوا هوى أنفسهم.

الثاني: المضادة كقوله في سورة البقرة إن الذين كفروا سواء عليهم) الآية، فإن أول السورة كان حديثاً عن القرآن وأن من شأنه الهداية للقوم الموصوفين بالإيمان فلما أكمل وصف المؤمنين عقب بحديث الكافرين، فبينهما جامع وهمي ويسمى بالتضاد من هذا الوجه، وحكمته التشويق والثبوت على الأول كما قيل وبضدها تتبين الأشياء

الثالث: الاستطراد كقوله تعالى يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوي ذلك خير قال الزمخشري: هذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقب ذكر بدوالسوات وخصف الورق عليهما إظهاراً للمنة في ما خلق من اللباس، ولما في العري وكشف العورة من المهانة والفضيحة، وإشعاراً بأن الستر باب عظيم من أبواب التقوى، وقد خرجت على الاستطراد.

والله الموفق والمستعان

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير