النمل من الحشرات التي لا تكاد تخلو أرض من نوع من أنواعها التي تتخذ الأودية مساكن لها، وهذا من الأمور الدائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فناسب ذلك حذف الياء، وكذلك إضافة الوادي إلى النمل فصار علمًا دائمًا للنمل.
الاسم السابع: الواد
ذكر الواد في أربع مواضع:
في قوله تعالى: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) طه.
وفي قوله تعالى: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) القصص.
وفي قوله تعالى: (إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) النازعات.
وفي قوله تعالى: (وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) الفجر.
الأودية التي ذكرت في هذه الآيات وآية النمل إنما هي أودية خاصة، والأودية من المواضع الدائمة المستمرة في جغرافية الأرض، والتي تزداد ولا تنقص في معظمها، فحذف ياء الوادي أنسب لها.
الاسم الثامن: كالجواب
في قوله تعالى: (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ (13) سبأ
الجفان:القدور، والجواب: الحياض الكبيرة التي يجمع فيها الماء للإبل، أو التي في الجبال يجتمع فيها ماء المطر، وهذه الجوابي جمع جابية من الأشياء التي لا يستغني عنها الناس لما وضعت له، وإن لم يصنعها من الطين والحجارة صنعها من المعادن، وشبهت الجفان بها لبيان ضخامة حجمها، وطول عمرها الذي ناسب حذف الياء منها، ودائمًا المشبه؛ أقصر أحدث عمرًا من المشبه به، والحذف كان في المشبه به.
الاسم التاسع: التلاق
في قوله تعالى: (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاَقِ (15) غافر
يوم التلاقي هو يوم القيامة، يوم الخلود، يوم يلاقي كل واحد عمله فيه فيخلده؛ إما في الجنة، أو يهوي خالدًا في النار، فحذفت ياء التلاقي ليتعاضد الرسم مع المعنى في بيان خلود ذلك اللقاء بين الإنسان وعمله وفي هذا نذارة عظيمة.
الاسم العاشر: التناد
في قوله تعالى: (وَياَقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) غافر.
حذف الياء في التنادي كحذفها في التلاقي، إذ يوم التنادي هو يوم القيامة؛ فمن نودي لرحمة الله فهو في رحمة دائمة لا يخرج منها، ومن نودي لعذاب الله فهو في عذاب لا يفارقه، لا العذاب ينتهي ولا هو يموت فيفارقه.
أما إذا أريد بيوم التناد يوم ينادي بعضهم بعضًا للتجمع أو الهرب من العذاب يوم وقوعه، وهذا ما يبينه بعدها القول المفسر له؛ (يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) غافر، ولا إدبار لأحد يوم البعث. وقد كان منهم التنادي للخروج للحاق ببني إسرائيل، وجاءهم الهلاك بهذا الخروج، ولم يكن لهم عاصم من الله يوم أغرقهم أجمعين.
والتخويف من العذاب الأقرب أولى من التخويف من العذاب الأبعد لقوم لا يؤمنون، وقد خوفهم بما حدث لمن سبقهم؛ (وَقَالَ الَّذِي ءامَنَ يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ (31) غافر.
الاسم الحادي عشر: الجوار
في قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) الشورى
وفي قوله تعالى: (وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24) الرحمن.
حذفت ياء (الجواري) لأن السفن لا تتوقف في البحر، والذي يمنع حركتها هو تثبيتها بالمرساة، وتظل الأمواج والمد والجزر يحركها باستمرار، ويقوي ذلك استعمال حرف الجر (في) البحر؛ الذي لا يستخدم إلا مع وجود الحركة؛ والجواري هي تسمية للسفن في حال الحركة والجريان، وقد ناسب حذف الياء استمرار السفن في جريها، وسيرها في حاجة الناس، وحاجة الناس دائمًا في ازدياد لها.
¥