تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قياس أبو عمرو الداني {قال رجلان} و {وقال رجل} على {قال رب} في الإدغام الكبير.

قال أبو عمرو الداني في كتابه الإدغام الكبير: " واستثنى من ذلك أيضاً أصلاً مطرداً، وهو ما جاء من لفظ {قال} خاصّة نحو قوله تعالى {قال ربّ} و {قال ربّك} و {قال ربّنا}، {وقال ربّكم}، وشبهه، وجملته أربعة وأربعون موضعاً، فأدغم اللام في الراء في ذلك حيث وقع بلا خلاف عنه في الأداء، نصّ على ذلك ابن اليزيدي، وأبو شعيب السوسي، وقياس ذلك عندي {قال رجلان} في المائدة، و {وقال رجل} في المؤمن لا غير، ولا فرق بين ذلك وبينه، وبالإدغام قرأته طرداً للقياس، وعلى ذلك أهل الأداء مجمعون "

أقول: قد اعتمد الداني رحمه الله تعالى على ما تلقاه عن شيخه حيث قرأ الموضعين {قال رجلان} و {وقال رجل} بالإدغام حيث قال "وبالإدغام قرأته طرداً للقياس" ثمّ نقل الإجماع في ذلك. إذن فثبوت وجه الإدغام أداءً لا إشكال فيه وإنما استشكل الإمام عدم ورود النصّ عن اليزيدي، فأراد أن يستدلّ بالقياس معوّضاً الفراغ الذي لم يثبت فيه النصّ. وهذا منهجه في جامع البيان حيث يريد أن يثبت جميع ما تلقاه عن مشايخه بالنصّ، وفي الكثير من الأحيان لا يجد نصاً فيستدلّ بالقياس تقوية للوجه الذي ثبت عنده وعند غيره من غير نصّ صريج. ومن فهم طريقة الداني في قياس يجد أنّه ليس قياساً مذموماً كما يتوقّعه الكثير لأنّ القياس المذموم هو الذي يجنح إليه عند عدم النصّ وغموض وجه الأداء وليس هناك أيّ غموض في هذه المسألة لثبوتها عنده أداءً وبالإجماع. وقد اطلعت على بعض مصادر النشر فوجدتّ الكثير ممن نقل الإدغام في {قال رجلان} و {وقال رجل} كأبي علي المالكي في كتابه الروضة (1/ 285) وابن باذش في الإقناع ص91. والإمام القلنسي في كتابه الكفاية الكبرى ص78، وغيرهم.

المسألة السادسة: إمالة {البارئ} للدوري الكسائي: قال ابن الجزري ّ في النشر:" واختلف عنه في {البارئ المصوّر} من سورة الحشر فروى عنه إمالته، وأجراه مجرى {بارئكم} جمهور المغاربة جمهور المغاربة وهو الذي في تلخيص العبارات والكافي والهادي والتبصرة والهداية والعنوان والتيسير والشاطبية والإرشادين والمستنير وغيرهم. ورواه عنه بالفتح خصوصاً أبو عثمان الضرير وهو الذي في أكثر كتب القراءات ونصّ على استثنائه الحافظ أبو العلاء وأبو محمد سبط الخياط وابن سيوار وأبو العز وغيرهم والوجهان صحيحان. النشر 2/ 39. وقال أبو عمرو الداني في جامع البيان ص327.:" قوله في البقرة {إلى بارئكم} و {عند بارئكم} وفي الحشر {البارئ المصوّر} في الثلاثة أمال ذلك الكسائي في غير رواية أبي الحارث ونصير فيما قرأت، ولم يأت عنه بالإمالة نصاً في {بارئكم} غير أبي عمر من رواية الحلواني عنه وغير قتيبة، ولم يذكر أحد عنه {الباري} نصاً، وإنّما ألحقه بالحرفين الذين في البقرة ابن مجاهد قياساً عليهما، سمعت أبا الفتح يقول بذلك ".

أقول: من خلال ما ذكره الداني وابن الجزري يظهر أنّه لم يرد النصّ في الإمالة في {البارئ}، وإنما ثبت بالقياس عن ابن مجاهد. هل يمكننا أن نقطع بأنّ ابن مجاهد وغيره ممن كان في طبقته لم يقرأ بوجه الإمالة في {بارئكم}؟ وهل كلّ ما ثبت بالأداء في ذلك الوقت يكون منصوصاً عليه ضرورة؟ فإن كان كذلك فلماذا فرّق القدامى بين النصّ والأداء وكلاهما حجة عندهم على حدة. وقد يثبت الوجه بالتلقي من غير نصّ، مثال ذلك مسألة إثبات حرف المدّ وعدمه قبل الهمزة الساقطة في نحو {السماء أن نقع} لمن أسقط الهمزة الأولى، قال أبو عمرو الداني في جامع البيان " ولا أعلم أحداً من الرواة نصّ عليها بمدّ ولا بقصر غيره، وإنّما يتلقى الوجهان فيهما من أهل الأداء تلقياً " جامع البيان ص225. وهل كلّ من روى الإمالة في {الباري} يمر سنده بابن مجاهد من رواية الدوري الكسائي؟ وقد نقل مكي القيسي في كتابه التبصرة وابن سوار في المستنير الإمالة في {البارئ} مع أنّ سندههما إلى الدوري الكسائي لا يمرّ على ابن مجاهد، فمن أين أتيا بوجه الإمالة إذن إن كان ابن مجاهد انفرد به قياساً؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير